و أما الشعر الذي فيه
الغناء فإنّ الربيع بن زياد يقوله [3] في مقتل مالك بن زهير. و كان قتله في بعض
تلك الوقائع التي يعرف مبدؤها بداحس و الغبراء.
[حرب
داحس و الغبراء]
و كان السبب في ذلك، فيما
أخبرني به عليّ بن سليمان الأخفش، و محمد بن العباس اليزيديّ، قالا: حدثنا أبو
سعيد السكريّ، عن محمد بن حبيب و أبي غسان دماذ، عن أبي عبيدة، و إبراهيم بن
سعدان، عن أبيه، قال:
كان من حديث داحس أنّ أمّه
فرس كانت لقرواش بن عوف بن عاصم بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع يقال لها:
جلوى، و كان أبوه يسمى ذا
العقّال، و كان لحوط بن أبي جابر بن أوس بن حميريّ بن رياح؛ و إنما سمّي داحسا
لأنّ بني يربوع احتملوا ذات يوم سائرين في نجعة، و كان ذو العقّال مع ابنتي حوط بن
أبي جابر بن أوس تجنبانه، فمرّتا به على جلوى فرس قرواش وديقا [4]؛ فلما رآها
الفرس ودى و صهل، فضحك شبّان من الحي رأوه،/ فاستحيت الفتاتان فأرسلتاه فنزا على
جلوى، فوافق قبولها فأقصّت [5]، ثم أخذه لهما بعض الحيّ، فلحق بهما حوط، و كان
رجلا شريرا سيّئ الخلق، فلما نظر إلى عين الفرس قال: و اللّه لقد نزا فرسي؛
فأخبراني ما شأنه، فأخبرتاه الخبر، فقال: يا آل رياح، لا و اللّه لا أرضى أبدا حتى
أخرج ماء فرسي، فقال له بنو ثعلبة: و اللّه ما استكرهنا فرسك؛ إنما كان منفلتا،
فلم يزل الشرّ بينهما حتى عظم.
فلما رأى ذلك بنو ثعلبة
قالوا: دونكم ماء فرسكم؛ فسطا عليها و أدخل يده في ماء و تراب، ثم أدخلها في رحمها
حتى ظنّ أنه قد أخرج الماء، و اشتملت الرحم على ما كان فيها، فنتجها قرواش مهرا،
فسماه داحسا لذلك، و خرج كأنه أبوه ذو العقّال. و فيه يقول جرير [6]: