أنّ عبد اللّه بن جدعان
لقي فاطمة بنت الخرشب و هي تطوف بالكعبة فقال لها: نشدتك بربّ هذه البنيّة، أيّ
بنيك أفضل؟ قالت: الربيع، لا بل عمارة، لا بل أنس، ثكلتهم إن كنت أدري أيّهم أفضل.
قال ابن النطاح: و حدثني
أبو اليقظان سحيم بن حفص العجيفيّ، قال: حدثني أبو الخنساء، قال:
سئلت فاطمة عن بنيها أيّهم
أفضل؟ فقالت: الربيع، لا بل عمارة، لا بل أنس، لا بل قيس، و عيشي ما أدري، أما و
اللّه ما حملت واحدا منهم تضعا، و لا ولدته يتنا، و لا أرضعته غيلا، و لا منعته
قيلا، و لا أبتّه على ماقة [1].
قال أبو اليقظان:
أما قولها ما حملت واحدا
منهم تضعا، فتقول: لم أحمله في دبر الطّهر و قبل الحيض. و قولها: و لا ولدته يتنا،
و هو أن تخرج رجلاه قبل رأسه. و لا أرضعته/ غيلا، أي ما أرضعته قبل أن أحلب ثديي.
و لا منعته قيلا، أي لم أمنعه اللبن عند القائلة. و لا أبتّه على ماقة، أي و هو
يبكي.
أمه تصفه و تصف إخوته
قال ابن النطاح: و حدثني
أبو اليقظان، قال: حدثني أبو صالح الأسديّ قال:
سئلت فاطمة بنت الخرشب عن
بنيها، فوصفتهم، و قالت في عمارة: لا ينام ليلة يخاف، و لا يشبع ليلة يضاف. و قالت
في الربيع: لا تعدّ مآثره و لا تخشى في الجهل بوادره. و قالت في أنس: إذا عزم
أمضى، و إذا سئل أرضى، و إذا قدر أغضى. و قالت في الآخرين أشياء لم يحفظها أبو
اليقظان.
حكمته و بعد نظره
و قال ابن النطاح: و حدثني
القحذميّ، قال: حدثني أبي، قال: حدثني ابن عيّاش [2]، عن رجل من بني عبس، قال:
ضاف فاطمة ضيف، فطرحت عليه
شملة من خزّ و هي مسك كما هي، (فلما وجد رائحتها و أعتم دنا منها، فصاحت به، فكفّ
عنها، ثم إنه تحرك أيضا فأرادها عن نفسها) [3]، فصاحت، فكفّ، ثم إنه لم يصبر
فواثبها فبطشت به، فإذا هي من أشدّ الناس، فقبضت عليه ثم صاحت: يا قيس، فأتاها،
فقالت: إنّ هذا أرادني عن نفسي، فما ترى فيه؟ فقال: أخي أكبر مني، فعليك به،
فنادت: يا أنس، فأتاها، فقالت: إنّ هذا أرادني عن نفسي فما ترى فيه؟ فقال لها: أخي
أكبر مني فسليه، فنادت: يا عمارة، فأتاها فذكرت ذلك له، فقال لها: السيف، و أراد
قتله، فقالت له: يا بنيّ، لو دعونا أخاك فهو أكبر منك، فدعت الربيع، فذكرت ذلك له،
فقال: أ فتطيعونني يا بني زياد؟
قالوا: نعم، قال: فلا
تزنّوا أمّكم، و لا تقتلوا ضيفكم، و خلّوه يذهب، فذهب.
شعر قيل في مدحه و مدح
إخوته
قال ابن النطّاح: و قال
بعض الشعراء يمدح بني زياد من فاطمة، يقال: إنه قيس بن زهير، و يقال: حاتم طيّىء
[4]:
[1]
هامش أ «هذا الخبر روى عن أم تأبط شرا، ذكره ابن السكيت». و
انظر اللسان (وضع) و (يتن).