responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 16  صفحه : 446

و أسمعتهم. ثم قدمت مكة و أهلها يتحدثون أن الضحاك بن قيس أغار على الحيرة، فاحتمل من أموال أهلها ما شاء، ثم انكفأ راجعا، فأفّ لحياة في دهر جرأ عليك الضحاك. و ما الضحاك؟ و هل هو إلا فقع بقرقرة [1]، و قد ظننت و بلغني أن أنصارك قد خذلوك، فاكتب إليّ يا ابن أمّ برأيك، فإن كنت الموت تريد، تحملت إليك ببني أبيك و ولد أخيك، فعشنا ما عشت، و متنا معك، فو اللّه ما أحب أن أبقى بعدك فواقا [2]، و أقسم باللّه الأعز الأجل، أن عيشا أعيشه في هذه الدنيا بعدك، لعيش غير هني‌ء و لا مري‌ء و لا نجيع [3]. و السّلام».

فأجابه عليّ بن أبي طالب، عليه السّلام: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم:

«أما بعد، كلأنا اللّه و إياك كلاءة من يخشاه بالغيب، إنه حميد مجيد، فقد قدم عليّ عبد الرّحمن بن عبيد الأزديّ بكتابك، تذكر فيه أنك لقيت ابن أبي سرح مقبلا من قديد، في نحو من أربعين شابا من أبناء الطلقاء، و إنّ بنيّ أبي سرح طال ما كاذ اللّه و رسوله و كتابه، و صدّ عن سبيله، و بغاها عوجا، فدع بني أبي سرح عنك، ودع قريشا و تركاضهم في الضلالة، و تجوالهم في الشقاق، فإن قريشا قد أجمعت على حرب أخيك، إجماعها على حرب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قبل اليوم، فأصبحوا قد جهلوا حقه، و جحدوا فضله، و بادوه [4] بالعداوة، و نصبوا له الحرب، و جهدوا عليه كل الجهد، و ساقوا إليه جيش الأمرّين. اللهم فاجز عني قريشا الجوازي، فقد قطعت رحمي، و تظاهرت عليّ، و الحمد للّه على كل حال.

/ و أما ما ذكرت من غارة الضحاك بن قيس على الحيرة، فهو أقل و أذل من أن يقرب الحيرة، و لكنه جاء في خيل جريدة، فلزم الظهر، و أخذ على السماوة، فمر بواقصة و شراف و ما والى ذلك الصقع، فسرحت إليه جيشا كثيفا من المسلمين، فلما بلغه ذلك جاز هاربا، فاتبعوه فلحقوه ببعض الطريق و قد أمعن في السير، و قد طفلت [5] الشمس للإياب، فاقتتلوا شيئا كلا و لا [6]، فولّى و لم يصبر، و قتل من أصحابه بضعة عشر رجلا، و نجا جريضا [7] بعد ما أخذ منه بالمخنّق، فلأيا [8] بلأى ما نجا.

و أما ما سألت عنه أن أكتب إليك فيه برأيي، فإن رأيي قتال المحلّين [9] حتى ألقى اللّه، لا يزيدني كثرة الناس حولي عزّة، و لا تفرّقهم عني وحشة، لأني محق، و اللّه مع الحق و أهله، و ما أكره الموت على الحق، و ما الحير كله إلا بعد الموت لمن كان محقا.


[1] الفقع: البيضاء الرخوة من الكمأة، و هي أردؤها. القرقرة: أرض مطمئنة لينة. و يقال للذليل: هو أذل من فقع بقرقرة، لأنه لا يمتنع على من اجتناه، أو لأنه يوطأ بالأرجل.

[2] فواقا، بفتح الفاء: ما بين الحلبتين من الوقت، يريد وقتا قصيرا.

[3] نجيع: هني‌ء.

[4] باداه بالعداوة: كاشفه بها.

[5] طفلت الشمس للغروب: دنت.

[6] كلا و لا: أي مدة قليلة.

[7] جريضا: مشرفا على الهلاك، من جرض بريقه: إذا ابتلعه على هم و حزن بالجهد.

[8] اللأي: المشقة و الشدة و الجهد. و لأيا بلأى ما نجا: أي نجا بعد مشقة و جهد.

[9] المحلون: الخارجون من الميثاق و البيعة، يعني البغاة و مخالفي الإمام. و يقال لكل من خرج من إسلام، أو حارب في الحرم، أو في الأشهر الحرم: محل.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 16  صفحه : 446
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست