المدينة، فلما وافاها
سألته سكينة عن خبره. فقال لها: يا بنت رسول اللّه، و ما سؤالك إياي و لم يزل ثقتك
[1] معي، و هو أمين عليّ، فسليه عن خبري يصدقك عنه. فسألتني، فأخبرتها/ أني لم
أنكر عليه شيئا، و لم أمكنه من ابتياع جارية، و لم أطلق له الاجتياز بالعرج.
فاستحلفتني على ذلك، فلما حلفت لها بالأيمان المحرجة فيها طلاق أمّك، وثب فوقف بين
يديها، و قال: أي ابنة عم، و يا بنت رسول اللّه، كذبك و اللّه العلج، و لقد [2]
أخذ مني أربعمائة دينار، على أن أذن لي في المصير إلى العرج [2]؛ فأقمت بها يوما و
ليلة، و غسلت بها عدّة من جواريّ، و ها أنا ذا تائب إلى اللّه مما كان مني، و قد
جعلت توبتي هبتهن لك، و تقدّمت في حملهنّ إليك، و هن موافيات المدينة في عشية
اليوم، فبيعهن أو عتقهن إليك الأمر فيه، و أنت أعلم بما ترين في العبد السّوء.
فأمرتني/ بإحضار أربعمائة دينار، فأحضرتها. فأمرت بابتياع خشب بثلاثمائة دينار، و
أمرت بنشره، و ليس عندي و لا عند أحد من أهل المدينة علم بما تريده فيه. ثم أمرت
بأن يتخذ بيت كبير، و جعلت النفقة عليه في أجرة النجارين من المائة الدينار
الباقية.
ثم أمرت بابتياع بيض و تبن
و سرجين بما بقي من المائة الدينار بعد أجرة النجارين. ثم أدخلتني البيت، و فيه
البيض و التبن و السّرجين، و حلفت بحق جدّها ألا أخرج من ذلك البيت حتى أحضن ذلك
البيض كله إنى أن يفقس، ففعلت ذلك، و لم أزل أحضنه حتى فقس كله. فخرج منه الألوف
من الفراريج، و ربيت في دار سكينة، فكانت تنسبهنّ إليّ، و تقول: بنات أشعب.
قال أبو إسحاق. قال لي: و
بقي ذلك النسل في أيدي الناس إلى الآن، فكلهم إخواني و أهلي. قال:
فضحكت و اللّه حتى غلبت، و
أمرت له بعشرة آلاف درهم، فحملت بحضرتي إليه.
الخلاف في أزواج سكينة
أخبرني الطوسيّ [3] و
الحرميّ قالا: حدّثنا الزبير بن بكار قال: حدّثني عمي مصعب قال:
تزوّجت سكينة بنت الحسين
عليه السّلام عدّة أزواج، أوّلهم عبد اللّه بن الحسن بن عليّ، و هو ابن عمها و أبو
عذرتها، و مصعب بن الزبير، و عبد اللّه بن عثمان الحزامي، و زيد بن عمرو بن عثمان،
و الأصبغ بن عبد العزيز بن مروان، و لم يدخل بها، و إبراهيم بن عبد الرّحمن بن
عوف، و لم يدخل بها.
قال مصعب و يحيى بن الحسن
العلوي: إن عبد اللّه بن حسن زوجها كان يكنى أبا جعفر، و أمه بنت السّليل بن عبد
اللّه البجلي، أخي جرير بن عبد اللّه، قال:/ ثم خلفه عليها مصعب بن الزبير، زوّجه
إياها أخوها علي بن الحسين، و مهرها مصعب ألف ألف درهم.
قال مصعب: و حدّثني مصعب
بن عثمان: أن علي بن الحسين أخاها حملها إليه، فأعطاه أربعين ألف دينار.
قال مصعب: و حدثني معاوية
بن بكر الباهلي قال: قالت سكينة:
دخلت على مصعب و أنا أحسن
من النار الموقدة في الليلة القرّة.
قال: فولدت من مصعب بنتا،
فقال لها: سميها زهراء [4]. قالت: بل أسميها باسم إحدى أمهاتي و سمتها