قال أبو عبيدة: و شدّت أمه
عليه عصابة. فاستسقاها ماء، فقالت: إنك إن شربت الماء مت، فكرّ على القوم. فكر
راجعا يشد على القوم و يذبّهم، و نزفه الدم حتى اثخن، فقال للظعن: أوضعن [1]
ركابكن خلفي، حتى تنتهين إلى أدنى بيوت الحي، فإني لما بي، و سوف أقف دونكن لهم
على العقبة، و أعتمد على رمحي، فلن يقدموا عليكن لمكاني. ففعلن ذلك، فنجون إلى
مأمنهن.
/ قال
أبو عبيدة: قال أبو عمرو بن العلاء: و لا نعلم قتيلا و لا ميتا حمى ظعائن غيره.
قال: و إنه يومئذ لغلام له ذؤابة. قال: فاعتمد على رمحه، و هو واقف لهن على متن
فرسه، حتى بلغن مأمنهن، و ما تقدّم القوم عليه.
فقال: نبيشة بن حبيب: إنه
لمائل العنق، و ما أظنه إلا قد مات. فأمر رجلا من خزاعة كان معه أن يرمي فرسه.
فرماها فقمصت و زالت، فمال
عنها ميتا. قال: و يقال بل الذي رمى فرسه نبيشة. فانصرفوا عنه، و قد فاتهم الظّعن.
قال أبو عبيدة: و لحقوا
يومئذ أبا الفرعة الحارث بن مكدم، فقتلوه، و ألقوا على ربيعة أحجارا.
أشعار في رثائه
فمر به رجل من بني الحارث
بن فهر، فنفرت ناقته من تلك الأحجار التي أهليت على ربيعة. فقال يرثيه و يعتذر ألا
يكون عقر ناقته على قبره، و حض على قتلته، و عيّر من فر و أسلمه من قومه: