أعطه إياه من بيت المال، و
احتسب ذلك على كل رجل من عطائه. ففعل النعمان ذلك، و كانوا عشرين ألفا، فأعطاه
عشرين ألف دينار، و ارتجعا متهم عند العطاء. فقال الأعشى يمدح النعمان:
و لم أر للحاجات عند
التماسها
كنعمان نعمان الندى ابن بشير
/ إذا قال أو في ما يقول و لم يكن
كمدل إلى الأقوام حبل غرور
متى أكفر النعمان لا
ألف شاكرا
و ما خير من لا يقتدي بشكور
فلو لا أخو الأنصار
كنت كنازل
ثوى ما ثوى لم ينقلب بنقير
الأخطل يهجو الأنصار
أخبرني أحمد بن عبد العزيز
الجوهري، و حبيب بن نصر المهلّبي قالا: حدّثنا عمر بن شبة، قال: حدّثنا يحيى
الزبيري [1] قال حدّثني ابن أبي زريق، قال: شبّب عبد الرّحمن بن حسان برملة بنت
معاوية، فقال:
/ فبلغ ذلك يزيد بن معاوية، فغضب و دخل على معاوية،
فقال: يا أمير المؤمنين، أ لا ترى إلى هذا العلج [3] من أهل يثرب، يتهكم بأعراضنا،
و يشبب بنسائنا؟ فقال: و من هو؟ قال: عبد الرّحمن بن حسان. و أنشده ما قال.
فقال: يا يزيد؛ ليس
العقوبة من أحد أقبح منها بذوي القدرة، و لكن أمهل حتى يقدم وفد الأنصار، ثم
أذكرني به.
فلما قدموا أذكره به. فلما
دخلوا، قال: يا عبد الرّحمن، أ لم يبلغني أنك شببت برملة بنت أمير المؤمنين؟ قال:
بلى، و لو علمت أن أحدا
أشرف لشعري منها لذكرته. فقال: فأين أنت عن أختها هند؟ قال: و إن لها لأختا يقال
لها هند؟ قال: نعم. و إنما أراد معاوية أن يشبب بهما جميعا، فيكذب نفسه. قال: فلم
يرض يزيد ما كان من معاوية في ذلك، فأرسل إلى كعب بن الجعيل، فقال: اهج الأنصار.
فقال: أفرق من أمير المؤمنين، و لكن أدلك على هذا الشاعر الكافر الماهر الأخطل. قال:
فدعاه، فقال له: أهج الأنصار. فقال: أفرق من أمير المؤمنين. قال: لا تخف شيئا، أنا
بذلك لك. فهجاهم، فقال:
[2]
كذا في ف. و في بقية الأصول: اطمعت يا
ابن حسان في ذاك.
[3]
للعلج في «لسان العرب» معان، منها الرجل الغليظ، و الرجل من كفار
العجم، و هو لفظ شائع عندهم في السب. و في ج: العجل، تحريف.
[4]
ابن الفريعة: كنية حسان بن ثابت
الأنصارى، و الفريعة: أمه، و هي فريعة بنت خالد بن خنيس بن لوذان. و أصل معنى
الفريعة:
القملة. أو لعله الفارعة
ثم صغره تصغير الترخيم.
[5]
اليهود: كذا في ف، (ب 13: 148). و في
بقية الأصول: المهور، و لعله تحريف. و صليصل: تصغير صلصل، موضع بناحية المدينة،
على سبعة أميال منها. و صدار، كغراب: موضع قرب المدينة، و في ف: و صغار.