أن شارية كانت لا مرأة من
الهاشميات بصرية، من ولد جعفر بن سليمان. فحملتها لتبيعها ببغداد، فعرضت على إسحاق
بن إبراهيم الموصلي، فأعطى بها ثلاثمائة دينار، ثم استغلاها بذلك و لم يردها.
فجيء بها إلى إبراهيم بن المهدي، فعرضت عليه، فساوم بها. فقالت له مولاتها: قد
بذلتها لإسحاق بن إبراهيم بثلاثمائة دينار، و أنت أيها الأمير، أعزك اللّه، بها
أحق. فقال: زنوا لها ما قالت. فوزن لها، ثم دعا بقيمته، فقال: خذي هذه الجارية و
لا ترينيها [1] سنة، و قولي للجواري يطرحن عليها،/ فلما كان بعد سنة أخرجت إليه،
فنظر إليها و سمعها.
فأرسل إلى إسحاق بن
إبراهيم الموصلي فدعاه، و أراه إياها، و أسمعه غناءها. و قال: هذه جارية تباع،
فبكم تأخذها لنفسك؟ قال إسحاق: آخذها بثلاثة آلاف دينار، و هي رخيصة بها. قال له
إبراهيم: أتعرفها؟ قال: لا. قال: هذه الجارية التي عرضتها عليك الهاشمية بثلاثمائة
دينار، فلم تقبل. فبقي إسحاق متحيرا، يعجب من حالها و ما انقلبت إليه.
و قال ابن المعتز: حدثني
الهشامي [2] عن محمد بن راشد: أن شارية كانت مولدة البصرة، و كانت لها أمّ خبيثة
منكرة، تدّعي أنها بنت محمد بن زيد، من بني سامة بن لؤي.
قال ابن المعتز: و حدثني
غيره، أنها كانت تدّعي أنها من بني زهرة.
قال الهشامي: فجيء بها
إلى بغداد، و عرضت على إبراهيم بن المهدي، فأعجب بها إعجابا شديدا، فلم يزل يعطي
بها، حتى بلغت ثمانية آلاف درهم. فقال لي هبة اللّه بن إبراهيم بن المهدي: إنه لم
يكن عند أبي درهم و لا دانق، فقال لي: ويحك! قد أعجبتني و اللّه هذه الجارية
إعجابا شديدا، و ليس عندنا شيء. فقلت له: نبيع ما نملكه حتى الخزف. و نجمع ثمنها.
فقال لي: قد فكرت [3] في شيء؛ اذهب إلى عليّ بن هشام، فأقرئه مني السلام، و قل
له: جعلني اللّه فداءك! قد عرضت/ عليّ جارية قد أخذت بمجامع قلبي، و ليس عندي
ثمنها، فأحب أن تقرضني عشرة آلاف درهم. فقلت له: إن ثمنها ثمانية آلاف درهم، فلم
تكثر على الرجل بعشرة آلاف درهم؟ فقال: إذا اشتريناها بثمانية آلاف درهم، لا بدّ
أن نكسوها، و نقيم لها ما تحتاج إليه.
/ فصرت
إلى عليّ بن هشام، فأبلغته الرسالة، فدعا بوكيل له، و قال له: ادفع إلى خادمه
عشرين ألفا، و قل له: أنا لا أصلك، و لكن هي لك حلال في الدنيا و الآخرة [4]. قال:
فصرت إلى أبي بالدراهم، فلو طلعت عليه بالخلافة، لم تكن تعدل عنده تلك الدراهم.
خبث أمها
و كانت أمها خبيثة، فكانت
كلما لم يعط إبراهيم ابنتها ما تشتهي، ذهبت إلى عبد الوهاب بن عليّ، و دفعت إليه
رقعة يرفعها إلى المعتصم، تسأله أن تأخذ ابنتها من إبراهيم.