الأسعر بن إياس بن مريطة
بن ضمرة بن مرّة بن عوف بن سعد بن ذبيان. قال أبو عبيدة: فاستطرد له أحدهما ثم
وقف، و شدّ عليه الآخر فقتله، فلما تنادوا: قتل معاوية! قال خفاف: قتلني اللّه إن
رمت حتّى أثأر به! فشدّ على مالك بن حمار الشمخي، و كان سيّد بني شمخ بن فزارة،
فقتله- [قال: و هو مالك بن حمار بن حزن بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن مازن
بن فزارة] [1]- فقال خفاف في ذلك:
/
فإن تك خيلي قد أصيب صميمها
فعمدا على عين تيممت مالكا
/ يعني مالك بن حمار الشّمخي.
قال أبو عبيدة: فأجمل أبو
بلال الحديث.
قال: و أما غيره فذكر أنّ
معاوية وافى عكاظ في موسم من مواسم العرب، فبينا هو يمشي بسوق عكاظ، إذ لقي أسماء
المرّيّة، و كانت جميلة، و زعم أنّها كانت بغيّا، فدعاها إلى نفسه فامتنعت عليه و
قالت: أ ما علمت أنّي عند سيّد العرب هاشم بن حرملة؟! فقال: أما و اللّه لأقارعنّه
عنك. قالت: شأنك و شأنه. فرجعت إلى هاشم فأخبرته بما قال معاوية و ما قالت له،
فقال هاشم: فلعمري لا يريم أبياتنا حتّى ننظر ما يكون من جهده. قال: فلما خرج
الشهر الحرام و تراجع الناس عن عكاظ، خرج معاوية بن عمرو غازيا يريد بني مرّة و
بني فزارة، في فرسان أصحابه من بني سليم، حتى إذا كان بمكان يدعى الحوزة أو
الجوزة- و الشك من أبي عبيدة- دوّمت [2] عليه طير و سنح له ظبي، فتطيّر منهما و
رجع في أصحابه، و بلغ ذلك هاشم بن حرملة فقال: ما منعه من الإقدام إلّا الجبن!
قال: فلما كانت السنة [3] المقبلة غزاهم، حتّى إذا كان في ذلك المكان سنح له ظبي و
غراب فتطيّر فرجع، و مضى أصحابه و تخلّف في تسعة عشر فارسا منهم لا يريدون قتالا،
[إنما تخلّف عن عظم الجيش راجعا إلى بلاده] [4]، فوردوا ماء و إذا عليه بيت شعر،
فصاحوا بأهله فخرجت إليهم امرأة فقالوا: [ما أنت] [4] ممن أنت؟ قالت: امرأة من
جهينة، أحلاف لبني سهم بن مرة بن غطفان. فوردوا الماء يسقون، فانسلّت فأتت هاشم بن
حرملة، فأخبرته أنّهم غير بعيد، و عرّفته عدّتهم و قالت: لا أرى إلّا معاوية في
القوم. فقال: يا لكاع، أ معاوية في تسعة عشر/ رجلا، شبّهت أو أبطلت. قالت: بل قلت
الحقّ، و لئن شئت لأصفنّهم لك رجلا رجلا. قال: هاتي.
قالت: رأيت فيهم شابا عظيم
الجمّة، جبهته قد خرجت من تحت مغفره، صبيح الوجه، عظيم البطن، على فرس غرّاء. قال:
نعم هذه صفته. يعني معاوية و فرسه الشّمّاء.
قالت: و رأيت رجلا شديد
الأدمة شاعرا ينشدهم. قال: ذلك خفاف بن عمير.
قالت: و رأيت رجلا ليس
يبرح وسطهم، إذا نادوه رفعوا أصواتهم. قال: ذاك عباس الأصمّ.
قال: و رأيت رجلا طويلا
يكنّونه أبا حبيب، و رأيتهم أشدّ شيء له توقيرا. قال: ذاك نبيشة بن حبيب.
قالت: و رأيت شابّا جميلا
له وفرة حسنة. قال: ذاك العباس بن مرداس السّلميّ.