نار ذاكية، و صعدة [1]
عالية، و كفى بيزيد فارسا شجاعا، ليث غاب، و بحر جمّ العباب [2]، و جوادهم قبيصة،
ليث المغار، و حامي الذّمار [3]، و لا يستحي الشجاع أن يفرّ من مدرك، فكيف لا يفرّ
من الموت الحاضر، و الأسد الخادر [4]، و عبد الملك سمّ نافع، و سيف قاطع، و حبيب/
الموت الذّعاف [5]، إنما هو طود شامخ، و فخر باذخ [6]، و أبو عيينة البطل الهمام،
و السيف الحسام، و كفاك بالمفضّل نجدة، ليث هدّار، و بحر موّار [7]، و محمّد ليث
غاب، و حسام ضراب، قال: فأيّهم أفضل؟ قال: هم كالحلقة المفرغة لا يعرف طرفاها،
قال: فكيف جماعة الناس؟ قال: على أحسن حال، أدركوا ما رجوا، و أمنوا ممّا خافوا، و
أرضاهم العدل، و أغناهم النّفل [8]، قال:
فكيف رضاهم عن المهلّب؟
قال: أحسن رضا، و كيف لا يكونون كذلك و هم لا يعدمون منه رضا الوالد، و لا يعدم
منهم برّ الولد؟ قال: فكيف فاتكم قطريّ؟ [9] قال: كدناه فتحوّل عن منزله و ظن أنه
قد كادنا، قال: فهلّا تبعتموه! قال: حال الليل بيننا و بينه، فكان التحرّز [10]-
إلى أن يقع العيان، و يعلم امرؤ ما يصنع- أحزم، و كان الحدّ عندنا آثر من الفلّ،
فقال له المهلّب: كان أعلم بك حيث بعثك و أمر له بعشرة آلاف درهم، و حمله على فرس،
و أوفده على عبد الملك بن مروان فأمر له بعشرة [11] آلاف أخرى.
شعره في المهلب و ولده
أخبرني أحمد بن عبيد اللّه
بن عمار قال: حدّثني أبو عمرو بندار الكرجيّ قال: حدّثنا أبو غسّان التميمي عن أبي
عبيدة قال: كان عبد الملك بن مروان يقول للشعراء: تشبّهوني مرّة بالأسد، و مرة
بالبازي، و مرة بالصقر، أ لا قلتم كما قال كعب الأشقريّ في المهلب و ولده!/
[9]
هو قطري بن الفجاءة المازني، ولاه
الخوارج الأزارقة عليهم، و بايعوه بعد قتل أميرهم الزبير بن علي السليطيّ، و دار
بينه و بين المهلب قتال عنيف، و لما دبت عقارب الخلاف بين الأزارقة خلعوا قطريا، و
ولوا عبد ربه الصغير، فانفصل إلى عبد ربه أكثر من الشطر، و ارتحل قطري و من معه
إلى طبرستان، فوجه إليه الحجاج جيشا عليه سفيان بن الأبرد فقاتلوه و تفرق عنه
أصحابه و قتل سنة 78 ه.
[10]
في ب و س «المتحري» و في ج «المتحرر» و التصويب عن ط، مط. و العيان. المشاهدة.