فسرقته منه و لم يعلم بي، فلما كان بعد أيام جاءني فأنشدني لنفسه يرثي ذلك الثلث القرطاس.
فكر تعتري و حزن طويل
و سقيم أنحى عليه النّحول
ليس يبكي رسما و لا طللا محّ
كما تندب الرّبا و الطّلول [1]
إنما حزنه على ثلث كا
ن لحاجاته فغالته غول [2]
كان للسر و الأمانة و الكت
مان إن باح بالحديث الرسول
كان مثل الوكيل في كلّ سوق
إن تلكّأ أو ملّ يوما وكيل
كان للهمّ إن تراكم في الصد
ر فلم يشف من عليل غليل [3]
لم يكن يبتغي الحجاب من الحجاب
إن قيل ليس فيها دخول [4]
إن شكا حاجبا تشدّد في الإذ
ن فللحاجب الشقيّ العويل [5]
يرفع الخير عنه و الرزق و الكس
وة فهو المطرود و هو الذليل [6]
كان يثنى في جيب كلّ فتاة
دونها خندق و سور طويل [7]
يقف الناس و هو أوّل من يد
خله القصر غادة عطبول [8]
فإذا أبرزته باح به في ال
قصر مسك و عنبر معلول [9]
/ و له الحبّ و الكرامة ممن
بات صبّا و الشمّ و التقبيل [10]
ليس كالكاتب الّذي بأبي الخطّاب
يكنى قد شابه التطفيل [11]
ذا كريم يدعي، و هذا طفيليّ
و هذا و ذا جميعا دليل [12]
ذاك بالبشر و الجماعة يلقى
و لهذا الحجاب و التنكيل [13]
[1] محت الدار: عفت.
[2] غالته غول: أهلكته هلكة.
[3] الغليل: حرارة الجوف.
[4] في ج «لا يبتغي الحجاب» و لا يستقيم به الوزن.
[5] إن شكا حاجبا، أي إن شكوت فيه حاجبا.
[6] في الأصول «الحبر عنه و الورق» و هو تحريف.
[7] في س «حيب» و هو تصحيف.
[8] العطبول: المرأة الفتية الجميلة الممتلئة الطويلة العنق.
[9] معلول: مضاعف، من العلل كسبب و هو الشرب بعد الشرب تباعا، و قد عله كضرب و نصر فهو معلول، و منه قول كعب بن زهير:
كأنه منهل بالراح معلول
و في حديث علي رضي اللّه عنه: من جزيل عطائك المعلول. و في ج «فإذا بررته» و هو تحريف.
[10] في ج «و الستم»، و في ب، س «و اللثم».
[11] في الأصول «لأبي الخطاب» و هو تحريف. و يقال: طفل تطفيلا و تطفل تطفلا.
[12] في ب و س «ذليل»، و هو تصحيف، يعني أن كليهما دليل يتقدّم لقضاء حاجة صاحبه، لكنهما يفترقان في مظهرهما، فهذا كريم و هذا طفيلي.
[13] في س «و المجاعة»، و هو تحريف صوابه ما أثبتنا كما في ج و ب.