responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 14  صفحه : 379

الساعة. فقلت: هذا صوت أرويه قديما، و ما فيمن حضر أحد إلا و قد أخذه مني، و أقبلت عليه، فغناه علويه ثم عقيد ثم مخارق، فوثب ابن جامع فجلس بين يديه و حلف بحياته و بطلاق امرأته أن اللحن صنعه منذ ثلاث ليال، ما سمع منه قبل ذلك الوقت، فأقبل عليّ فقال: بحياتي اصدقني عن القصة، فصدقته، فجعل يضحك و يصفّق و يقول:

لكل شي‌ء آفة، و آفة ابن جامع الزّفّ.

لحن هذا الصوت خفيف ثقيل أوّل بالبنصر، و الصنعة لابن جامع من رواية الهشاميّ و غيره.

قوة حفظه و براعته في الغناء

قال أبو الفرج: و قد أخبرني بهذا الخبر محمّد بن مزيد، عن حماد عن أبيه بخلاف هذه الرواية، فقال فيه قال: محمّد الزّفّ أروى خلق اللّه للغناء، و أسرعهم أخذا لما سمعه منه، ليست عليه في ذلك كلفة، و إنما يسمع الصوت مرّة واحدة/ و قد أخذه، و كنّا معه في بلاء إذا حضر، فكان من غنّى منا صوتا فسأله عدوّ له أو صديق أن يلقيه عليه، فبخل و منعه إياه، سأل محمّدا الزّفّ أن يأخذه، فما هو إلا أن يسمعه مرة واحدة حتى قد أخذه و ألقاه على من سأله، فكان أبي يبرّه و يصله و يجديه [1] من كل جائزة و فائدة تصل إليه، فكان غناؤه عنده حمى مصونا لا يقربه، و لم يكن طيّب المسموع، و لكنّه كان أطيب الناس نادرة، و أملحهم مجلسا، و كان مغرى بابن جامع خاصة من بين المغنّين لبخله، فكان لا يفتح ابن جامع فاه بصوت إلا وضع عينه عليه، و أصغى [2] سمعه إليه، حتى يحكيه، و كان في ابن جامع بخل شديد لا يقدر معه على أن يسعفه ببرّ و رفد،

غناء لابن جامع بحضرة الرشيد

فغنّى يوما بحضرة الرشيد:

صوت‌

أرسلت تقرئ [3] السلام الرّباب‌

في كتاب و قد أتانا الكتاب‌

فيه: لو زرتنا لزرناك ليلا

بمنى حيث تستقلّ الركاب [4]

فأجبت الرّباب: قد زرت لكن‌

لي منكم دون الحجاب حجاب‌

/ إنما دهرك العتاب و ذمّي‌

ليس يبقي على المحبّ عتاب‌

و لحنه من الثقيل الأوّل، فأحسن فيه ما شاء، و نظرت إلى الزّفّ فغمزته و قمت إلى الخلاء، فإذا هو قد جاءني، فقلت له: أي شي‌ء عملت؟ فقال: قد فرغت لك منه، قلت: هاته، فرده عليّ ثلاث مرات، و أخذته و عدت إلى مجلسي، و غمزت عليه عقيدا و مخارقا، فقاما، و تبعهما فألقاه عليهما، و ابن جامع لا يعرف الخبر، فلما عاد إلى المجلس أومأت إليهما أسألهما عنه، فعرّفاني أنهما قد أخذاه، فلما بلغ/ الدّور إليّ كان الصوت أوّل شي‌ء غنّيته، فحدّد الرشيد نظره إليّ، و مات ابن جامع و سقط [5] في يده، فقال لي الرشيد: من أين لك هذا؟ قلت: أنا أرويه‌


[1] أجداه: أعطاه الجدوى و هي العطية.

[2] أصغى: أمال.

[3] في ج «أقرنا».

[4] استقلوا: مضوا و ارتحلوا.

[5] سقط في يده و أسقط «مضمومتين» تحيّر.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 14  صفحه : 379
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست