/ أخبرني محمّد بن مزيد عن حمّاد بن إسحاق عن أبيه عن
عاصم بن الحدثان قال:
قال الزّبرقان: إنّ تاجرا
ديافيّا [1] مرّ بحمل خمر على قيس بن عاصم فنزل به، فقال قيس: اصبحني قدحا؛ ففعل.
ثم قال له: زدني، فقال له:
أنا رجل تاجر طالب ربح و خير، و لا أستطيع أن أسقيك بغير ثمن. فقام إليه قيس فربطه
إلى دوحة في داره حتى أصبح، فكلّمته أخته في أمره، فلطمها و خمش وجهها- و زعموا
أنّه أرادها على نفسها- و جعل يقول:
و تاجر فاجر جاء
الإله به
كأنّ لحيته أذناب أجمال
فلما أصبح قال: من فعل هذا
بضيفي؟ قالت له أخته: الّذي صنع هذا بوجهي، أنت و اللّه صنعته، و أخبرته بما فعل.
فأعطى اللّه عهدا ألا يشرب الخمر أبدا. فهو أوّل عربيّ حرّمها على نفسه في
الجاهليّة، و هو الّذي يقول:
أخبرني محمّد بن خلف بن
المرزبان قال حدّثني أحمد بن منصور قال أخبرني أبو جعفر المباركيّ قال أخبرني
المدائني عن مسلمة بن محارب قال:
قال الأحنف بن قيس: ذكرت
بلاغة النساء عند زياد، فحدّثته أنّ قيس بن عاصم أسلم و عنده امرأة من بني حنيفة،
فأبى/ أهلها و أبوها أن يسلموا و خافوا إسلامها، فاجتمعوا إليها و أقسموا إنّها إن
أسلمت لم يكونوا معها في شيء ما بقيت. فطالبت قيسا بالفرقة، ففارقها، فلما احتملت
لتلحق بأهلها قال لها قيس: أما و اللّه لقد صحبتني سارّة، و لقد فارقتني غير عارّة
[5]، لا صحبتك مملولة، و لا أخلاقك مذمومة، و لو لا ما اخترت ما فرّق بيننا إلّا
الموت، و لكنّ أمر اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم أحقّ أن يطاع. فقالت له:
أنبئت بحسبك و فضلك، و أنت و اللّه إن كنت للدّائم المحبة، الكثير المودّة، القليل
اللائمة، المعجب الخلوة، البعيد النّبوة. و لتعلمنّ أنّي لا أسكن بعدك إلى زوج.
فقال قيس: ما فارقت نفسي
شيئا قطّ فتبعته كما تبعتها.
كان يكنى أبا عليّ
أخبرني محمّد بن خلف بن
المرزبان قال حدّثنا أحمد بن الهيثم بن فراس قال حدّثني أبو فراس قال:
[1]
ديافي: نسبة إلى دياف، و هي قرية
بالشام و أهلها نبط الشام، تنسب إليها الإبل و السيوف، و إذا عرّضوا برجل أنه نبطي
نسبوه إليها.
[2]
يد الدهر: مدّ زمانه. و في الأصول «بذا الدهر» و هو تحريف.