اشترى أبو
الأسود أمة للخدمة، فجعلت تتعرض منه للنكاح و تتطيب و تشتمل بثوبها، فدعاها أبو
الأسود فقال لها: اشتريتك للعمل و الخدمة، و لم أشترك للنكاح، فأقبلي على خدمتك، و
قال فيها:
أهدى إليه
المنذر بن الجارود ثيابا فقال شعرا يمدحه فيه
أخبرنا الحسن
بن الطيب الشجاعي قال حدّثنا أبو عشانة عن ابن عباس قال: كان المنذر بن الجارود
العبدي صديقا لأبي الأسود الدؤلي تعجبه مجالسته و حديثه، و كان كل واحد منهما يغشي
صاحبه؛ و كانت لأبي الأسود مقطّعة [2] من برود يكثر لبسها، فقال له المنذر: لقد
أدمنت لبس هذه المقطعة، فقال له أبو الأسود: رب مملول لا يستطاع فراقه؛ فعلم
المنذر أنه قد احتاج إلى كسوة فأهدى له ثيابا، فقال أبو الأسود يمدحه:
كساك و لم تستكسه فحمدته
أخ لك يعطيك الجزيل و ناصر
و إن أحق الناس إن كنت حامدا
بحمدك من أعطاك و العرض وافر
أبيات أوصى فيها
ابنه
أنشدني محمد بن
العباس اليزيدي عن عمه عبيد اللّه عن ابن حبيب لأبي الأسود يوصي ابنه، و في هذه
الأبيات غناء:
صوت
لا ترسلن رسالة مشهورة
لا تستطيع- إذا مضت- إدراكها
أكرم صديق أبيك حيث لقيته
و احب الكرامة من بدا فحباكها
لا تبدينّ نميمة حدّثتها
و تحفّظنّ من الذي انباكها
اعتذر لزياد
في شيء جرى بينهما فلم يقبل عذره فقال في ذلك شعرا
أخبرني محمد بن
خلف بن مرزبان قال حدّثنا أبو محمد المروزي عن القحذمي عن بعض الرواة أن أبا
الأسود الدؤلي اعتذر إلى زياد في شيء جرى بينهما، فكأنه لم يقبل عذره فأنشأ يقول:
إنني مجرم و أنت أحق الن
اس أن تقبل الغداة اعتذاري
فاعف عني فقد سفهت و أنت ال
مرء تعفو عن الهنات الكبار
[1]
تبذل: لبس البذلة؛ و هي ثوب الخدمة و الأعمال. تشمل بالشملة (بالفتح): تغطي بها، و
هي كساء دون القطيفة يلتحف به.
[2] المقطعات
من الثياب: شبه الجباب من الخز و غيره.