أدراجه
[1] و عدا أثر الراحلة حتى أتى ضفّة [2] فاحتفر تحتها مثل مكان الأرنب فولج فيه،
ثم أخذ نعليه فجعل إحداهما على سرّته و الأخرى على صفنه [3] ثم شدّ عليهما
العمامة، و مضى صاحبه حتى لقي القوم، فسألوه فحدّثهم و قال: هذه غنيّ كاملة و قد
دنوت منهم، فصدّقوه و خلّوا سربه [4]. فلما ولّى رأوا مركب الرجل خلفه،/ فقالوا:
من الذي كان خلفك/ فقال: لا مكذبة! ذلك رياح في الأول من السّمرات. فقال الحصينان
لمن معهما: قفوا علينا حتى نعلم علمه فقد أمكننا اللّه من ثأرنا، و لم يريدا أن
يشركهما فيه أحد، فمضيا و وقف القوم عنهما. قالوا قال رياح: فإذا هما ينقلان
فرسيهما، فما زالا يريغاني، فابتدراني فرميت الأوّل فبترت صلبه، و طعنني الآخر قبل
أن أرميه و أراد السّرّة فأصاب الرّبلة [5]، و مرّ الفرس يهوي به، فاستدبرته بسهم
فرشقت به صلبه فانفقر منحنى الأوصال، و قد بترت صلبيهما. قال أبو عبيدة قال أبو
حيّة: بل قال رياح: استدبرته بسهم و قد خرجت قدمه فقطعتها، فكأنما نشرت بمنشار.
قال عبد الحميد: و ندّ فرساهما فلحقا [6] بالقوم. قال رياح: فأخذت رمحيهما فخرجت
بهما حتى أتيت رملة فسندت فغرزت الرمحين فيها ثم انحدرت. قال: و طلبه القوم، حتى
إذا رفع لهم الرمحان لم يقربوهما علم اللّه حتى وجدوا أثر رياح خارجا قد فات. و
انطلق رياح خارجا حتى ورد ردهة عليها بيت أنمار بن بغيض و فيه امرأة و لها ابنان
قريبان منها و جمل لها راتع في الجبل، و قد مات رياح عطشا. فلمّا رأته يستدمي طمعت
فيه و رجت أن يأتيها ابناها، فقالت له: استأسر. فقال لها: دعيني ويحك أشرب، فأبت.
فأخذ حديدة إمّا سكّينا و إمّا مشقصا فجذم به رواهشها [7] فماتت، و عبّ في الماء
حتى نهل [8] ثم توجّه إلى قومه. فقال رياح فيها و في الحصينين:
قال الأثرم:
الرّجازة شيء يكون مع المرأة في هودجها، فإذا مال أحد الجانبين وضعته في الناحية
الأخرى ليعتدل. قال أبو عبيدة: يعني حصين بن زهير بن جذيمة، و حصين بن أسيد بن
جذيمة و هو ابن عمه.
قال أبو عبيدة
قال عبد الحميد: و اللّه لقد سمعت هذا الحديث على ما حدثتك به منذ ستين سنة قال
عبد الحميد: و ما سمعت أنّ بني عبس أدركوا بواحد منهم و لا اقتادوا و لا أنذروا، و
لا سمعت فيه من الشعر لنا و لا لغيرنا في الجاهليّة بأكثر مما أنشدتك. و إلى هذا
انتهى حديثنا و حديثه، و لا و اللّه ما قتل خالد بن جعفر زهير بن جذيمة في حربنا،
غير أنّ الكميت بن زيد الأسديّ، و كانت له أمّان من غنيّ، ذكر من مقتل