زرت مع مولاتي
خالتها عائشة بنت طلحة و أنا يومئذ وصيفة [1]، فرأيت عجيزتها من خلفها و هي جالسة
كأنها غيرها، فوضعت إصبعي عليها لأعلم ما هي، فلمّا وجدت مسّ إصبعي قالت: ما هذا؟
قلت: جعلت فداءك! لم أدر ما هو، فجئت لأنظر. فضحكت و قالت: ما أكثر من يعجب مما
عجبت منه.
إعجاب أبي
هريرة بجمالها:
و زعم بكر بن
عبد اللّه بن عاصم مولى عرينة عن أبيه عن جدّه: أنّ عائشة نازعت زوجها إلى أبي
هريرة، فوقع خمارها عن وجهها، فقال أبو هريرة: سبحان اللّه! ما أحسن ما غذّاك
أهلك! لكأنما خرجت من الجنّة.
وفدت على
هشام فأعجب سامروه بعلمها:
قال ابن عائشة
و حدّثني أبي أنّ عائشة بنت طلحة وفدت على هشام، فقال لها: ما أوفدك؟ قالت: حبست
السماء المطر، و منع السلطان الحقّ. قال: فإني أبلّ رحمك و أعرف حقّك، ثم بعث إلى
مشايخ بني أميّة فقال: إنّ عائشة عندي، فاسمروا عندي الليلة فحضروا، فما تذاكروا
شيئا من أخبار العرب و أشعارها و أيّامها/ إلا أفاضت معهم فيه، و ما طلع نجم و لا
غار إلا سمّته. فقال لها هشام: أمّا الأوّل فلا أنكره، و أمّا النجوم فمن أين لك؟
قالت:
أخذتها عن
خالتي عائشة. فأمر لها بمائة ألف درهم و ردّها إلى المدينة.
مر بها
النميري الشاعر فاستنشدته و خبره معها:
أخبرني عمّي عن
الكرانيّ عن المغيرة بن محمد [2] المهلّبيّ عن محمد بن عبد الوهاب عن عبد الرحمن
بن عبد اللّه قال/ حدّثني ابن عمران البزّازيّ قال:
لمّا تأيّمت
عائشة بنت طلحة كانت تقيم بمكة سنة، و بالمدينة سنة، تخرج إلى مال لها بالطائف
عظيم و قصر لها فتنزّه و تجلس فيه بالعشيّات، فتناضل بين الرّماة. فمرّ بها
النّميريّ الشاعر، فسألت عنه فنسب لها، فقالت:
ائتوني به.
فقالت له لمّا أتوها به: أنشدني ممّا قلت في زينب [3]. فامتنع و قال: ابنة عمّي و
قد صارت عظاما بالية.