/
فضحك إسحاق و عوّاده، و أمر لأبي دلامة بخمسمائة درهم. و كان الطبيب نصرانيا فقال:
أعوذ باللّه من شرّك يا ركل (يريد يا رجل). و قال الطبيب: اقبل منّي أصلحك اللّه و
لا تسألني عن شيء قدّامه. فقال أبو دلامه:
أمّا و قد أخذت
أجرة صفقتي [1] و قضيت الحق في نصح صديقي، فانعت له الآن أنت ما أحببت.
تنادر بسلمة
الوصيف في حضرة المهدي:
أخبرني الحسن
بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني أبو الشّبل عاصم بن وهب
البرجميّ قال:
دخل أبو دلامة
على المهديّ و بين يديه سلمة الوصيف واقفا، فقال: إنّي أهديت إليك يا أمير
المؤمنين مهرا ليس لأحد مثله. فإن رأيت أن تشرّفني بقبوله. فأمره بإدخاله إليه.
فخرج و أدخل إليه دابّته التي كان تحته، فإذا به برذون محطّم أعجف هرم. فقال له
المهديّ: أيّ شيء هذا ويلك! أ لم تزعم أنه مهر!. فقال له: أ و ليس هذا سلمة
الوصيف بين يديك قائما تسمّيه الوصيف و له ثمانون سنة، و هو عندك وصيف! فإن كان
سلمة وصيفا فهذا مهر. فجعل سلمة يشتمه و المهديّ يضحك. ثم قال لسلمة: ويلك، إنّ
لهذه منه أخوات، و إن أتى بها في محفل فضحك. فقال أبو دلامة: و اللّه لأفضحنّه يا
أمير المؤمنين؛ فليس من مواليك أحد إلّا و قد وصلني غيره، فإنّي ما شربت له الماء
قطّ. قال: فقد حكمت عليه أن يشتري نفسه منك بألف درهم حتى يتخلّص من يدك.
قال: قد فعلت
على أن لا يعاود. فقال له: ما ترى؟ قال: أفعل، فلو لا أنّي ما أخذت منه شيئا قطّ
ما فعلت معه مثل هذه. فمضى سلمة فحملها إليه.
عبث به ابنه
فأراد أن يخصيه فحكم زوجته:
أخبرني عمّي
قال حدّثني محمد بن سعد الكرانيّ قال حدّثني الخليل بن أسد عن عبد الرحمن بن صالح
قال:
/ جاء ابن أبي
دلامة يوما إلى أبيه و هو في محفل من جيرانه و عشيرته جالس، فجلس بين يديه، ثم
أقبل على الجماعة فقال لهم: إن شيخي، كما ترون، قد كبرت سنّه، و رقّ جلده، و دقّ
عظمه، و بنا إلى حياته حاجة شديدة، فلا أزال أشير عليه بالشيء يمسك رمقه و يبقي
قوّته، فيخالفني فيه. و أنا أسألكم أن تسألوه قضاء حاجة لي أذكرها بحضرتكم، فيها
صلاح لجسمه، و بقاء لحياته، فأسعفوني بمسألته. فقالوا: نفعل حبّا و كرامة. ثم
أقبلوا على أبي دلامة بألسنتهم و تناولوه بالعتاب حتى رضي و هو ساكت، فقال قولوا
للخبيث فليقل ما يريد، فستعلمون أنّه لم يأت إلّا ببليّة. فقالوا له: قل. فقال:
إنّ أبي إنما يقتله كثرة الجماع، فتعاونوني عليه حتى أخصيه، فلن يقطعه عن ذلك غير
الخصاء، فيكون أصحّ لجسمه و أطول لعمره. فعجبوا من ذلك و علموا أنه إنما أراد أن
يعبث بأبيه و يخجّله حتى يشيع ذلك عنه فيرتفع له بذلك ذكر، فضحكوا منه. ثم قالوا
لأبي دلامة: قد سمعت فأجب. قال: قد سمعتم أنتم و عرّفتكم أنه لن يأتي بخير. قالوا:
فما عندك في هذا؟ قال: قد جعلت أمّه حكما بيني و بينه فقوموا بنا إليها. فقاموا
بأجمعهم فدخلوا إليها، و قصّ/ أبو دلامة القصّة عليها، و قال لها: قد حكّمتك. فأقبلت
على الجماعة فقالت: أنّ ابني- أصلحه اللّه- قد نصح أباه و برّه و لم يأل جهدا، و
ما أنا إلى بقاء