كان عبد اللّه
بن المتوكّل جمع له صنعة مقدارها أكثر من ثلاثمائة صوت، منها الجيّد الصنعة و منها
المتوسط، قد سمعنا كثيرا منها؛ إلّا أني أذكر من ذلك ما عرفت شاعره و كان له خبر
يتّصل به حسب ما شرطناه في هذا الكتاب و ضمّنّاه إيّاه من الأخبار، ثم أذكر أخبار
أبي عيسى بعد ذلك.
قال ابن المعتز
حدّثني النّميريّ قال سمعت أبا عيسى بن المتوكّل يقول: إذا أتممت صنعة ثلاثمائة
صوت و ستين صوتا عدد أيّام السنة تركت الصنعة، فلمّا صنعها ترك الصنعة. فمنها- و
هو لعمري من جيّد الغناء و فاخر الصنعة، و لو لم يصنع غيره لكفاه- في شعر أبي
العتاهية:
صوت
يضطرب الخوف و الرجاء إذا
حرّك موسى القضيب أو فكّر
و لحنه من
الثّقيل الأوّل. و الشعر لأبي العتاهية، و قد مضت أخباره؛ و إنما قدّمت ذكره بجودة
صنعته و أنه شبّه فيه بصنعة الفحول و محكم أغاني الأوائل.
و منها:
صوت
هي النّفس ما حمّلتها تتحمّل
و للدّهر أيّام تجور و تعدل
و عاقبة الصّبر الجميل جميلة
و أفضل أخلاق الرجال التّجمّل
الشعر لعليّ بن
الجهم. و الغناء لأبي عيسى بن المتوكّل، ثاني ثقيل بالوسطى.