و
ممن عرفت له صنعة من أولاد الخلفاء عبد الله بن موسى الهادي
صوته في شعر
له:
فمن صنعته:
صوت
تقاضاك دهرك ما أسلفا
و كدّر عيشك بعد الصّفا
فلا تجزعنّ فإنّ الزمان
رهين بتشتيت ما ألّفا
و ما زال قلبك مأوى السرور
كثير الهوى ناعما مترفا
ألحّ عليك بروعاته
و أقبل يرميك مستهدفا
الشعر و الغناء
لعبد اللّه بن موسى. و لحنه ماخوريّ و هو خفيف الثقيل الثاني بالوسطى.
اختلف مع
ثقيف الخادم في صوت فضرب ثقيف رأسه بالعود فحلم عليه، و كان معربدا:
أخبرني أحمد بن
جعفر حجظة قال حدّثني أبو حشيشة قال:
كان عبد اللّه
بن موسى الهادي أضرب الناس بالعود و أحسنهم غناء. و كان له غلام أسود يقال له قلم،
فعلّمه الصوت و حذّقه. فاشترته منه أمّ جعفر بثلاثمائة ألف درهم. قال أبو حشيشة
فحدّثني/ دلشاد غلام عبد اللّه بن موسى قال: كنت أنا و ثقيف الخادم الأسود مولى
الفضل بن الربيع نضارب مولاي عبد اللّه بن موسى و قد أخذ النّبيذ من الجماعة. فضرب
عبد اللّه و ثقيف صوتا فاختلفا فيه و تشاجرا. فقال عبد اللّه: كذا أخذته من منصور
زلزل. و قال ثقيف: كذا أخذته منه، و طال تشاجرهما فيه. و كان ثقيف معربدا يذهب
عقله من أدنى شيء يشربه، و كان عبد اللّه أيضا معربدا. فغضب ثقيف و رفع العود و
هو لا يعقل، فضرب به رأس عبد اللّه بن موسى فطوّقه إيّاه.
و ابتدر خدم
عبد اللّه؛ فقال لهم عبد اللّه بن موسى: لا تمسّوه و أخرجوا العود من عنقي
فأخرجوه. و كان عبد اللّه بن موسى أشدّ خلق اللّه عربدة أيضا، فرزق في ذلك اليوم
حلما لم ير مثله، و قال لخدمه: إن قتلته قتلت كلبا و تحدّث الناس بذلك، و لكن
اخلعوا عليه و هبوا له و لا يدخل منزلي أبدا.
دعا الحفصي
فآثر عليه أخاه إسماعيل:
قال جحظة قال
أبو حشيشة أخبرني الحفصيّ المعزفيّ قال:
دعاني عبد
اللّه بن موسى يوما و دعاني أخوه إسماعيل؛ فآثرت إسماعيل لما كان في عبد اللّه من
العربدة. فلم نشعر إلّا بعبد اللّه قد وافانا وقت العصر على برذون أشهب متقلّدا
سيفا و هو سكران. فلما رأيناه تطايرنا في الحجر، فنزل عن دابّته و جلس. و جثا
إسماعيل بين يديه إجلالا له، و قال له: يا سيّدي قد سررتني بتفضّلك و مصيرك إليّ.
قال: دعني من هذا، من عندك؟ قال: فلان و فلان، فعدّ جماعة من كان عنده. قال له:
هاتهم.
فدعا بنا
فخرجنا و قد متنا فزعا. فأقبل عليّ من بينهم فقال لي: يا حفصيّ! أبعث إليك ثلاثة
أيام تباعا فتدعني و تجيء إلى إسماعيل! و ضرب بيده إلى سيفه،/ فقام إسماعيل بيني
و بينه و قال: نعم! يجيئني و يدعك؛ لأنه لا ينصرف من عندك إلّا بشجّة أو عربدة مع
حرمان، و لا ينصرف من عندي إلّا ببرّ مع خلعة و وعد محصّل، أ فتلومه على ذلك!.
فكفّ عبد اللّه و كان شديد العربدة و قام و انصرف.