قال:
أفعل. فلما عاد قال له: يا إبراهيم ألق على محمد:
يا صاح يا ذا الضّامر العنس
فألقاه عليّ
كما كان يغنّيه مغيّرا، ثم انقضى المجلس و سكر المأمون. فقال لي إبراهيم: قم الآن
فأنت أحذق الناس به، فخرجت و خرج. ثم جئته إلى منزله فقلت له: ما في الأرض أعجب
منك! أنت ابن الخليفة و أخو الخليفة و عمّ الخليفة تبخل على وليّ لك مثلي لا
يفاخرك بالغناء و لا يكاثرك بصوت!! فقال لي: يا محمد ما في الدنيا أضعف عقلا منك!
و اللّه ما استبقاني المأمون محبّة لي و لا صلة لرحمي، و لكنه سمع من هذا الجرم
شيئا فقده من سواه فاستبقاني لذلك. فغاظني فعله. فلما دخلت/ على المأمون حدّثته
بما قال لي. فقال المأمون: يا محمد هذا أكفر الناس لنعمة! و أطرق مليّا ثم قال لي:
لا نكدّر على أبي إسحاق عفونا عنه و لانقطع رحمه، فدع هذا الصوت الذي ضنّ به عليك
إلى لعنة اللّه.
قال بيتا
يكيد به لدعبل:
حدّثني الحسن
بن عليّ قال حدّثنا محمد بن القاسم بن مهرويه قال حدّثني محمد بن يزيد قال:
قلت لدعبل:
باللّه أسألك أنت القائل:
كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة
إذا حسبوا يوما و ثامنهم كلب
فقال: لا و
اللّه! فقلت: من قاله؟ قال: من حشا اللّه قبره نارا إبراهيم بن المهديّ، كافأني
بذلك عن هجائي إيّاه ليشيط [1] بدمي.
خطأ مخارقا
في لحن غناه للمأمون ثم لقنه إياه على وجهه:
أخبرني محمد بن
مزيد قال حدّثنا حمّاد بن إسحاق قال حدّثني محمد بن الحارث بن بُسخُنَّر قال:
لمّا رضي
المأمون عن إبراهيم بن المهديّ و نادمه، دخل عليه متبذّلا في ثياب المغنّين و
زيّهم. فلما رآه و ضحك و قال: نزع عمّي ثياب الكبر عن منكبيه. فدخل و جلس، و أمر
المأمون بأن يخلع عليه فألبس الخلع. ثم ابتدأ مخارق فغنّى:
فقال له
إبراهيم: أسأت و أخطأت. فقال له المأمون: يا عمّ إن كان أساء و أخطأ فأحسن أنت.
فغنّى إبراهيم الصوت. فلمّا فرغ منه قال لمخارق: أعده الآن، فأعاده فأحسن. فقال
إبراهيم: يا أمير المؤمنين كم بين الصوت الآن و بينه في أوّل الأمر؟/ قال: ما أبعد
ما بينهما! فالتفت إلى مخارق ثم قال: إنما مثلك يا مخارق مثل الثوب الوشي الفاخر،
إذا تغافل عنه أهله سقط عليه الغبار فحال لونه، فإذا نفض عاد إلى جوهره.