responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 10  صفحه : 309

نسبه إلى شارية و ريّق، لئلا يقع عليه في طعن أو تقريع، فقلّت صنعته في أيدي الناس مع كثرتها لذلك. و كان إذا قيل له فيها شي‌ء قال: إنما أصنع تطرّبا لا تكسّبا، و أغنّى لنفسي لا للناس فأعمل ما أشتهي.

كان ينازع إسحاق و يجادله و جرت بينهما مناظرات في الغناء:

و كان حسن صوته يستر عوار ذلك كلّه. و كان الناس يقولون لم ير في جاهليّة و لا إسلام أخ و أخت أحسن غناء من إبراهيم بن المهديّ و أخته عليّة. و كان يماظّ [1] إسحاق و يجادله، فلا يقوم له و لا يفي به، و لا يزال إسحاق يغلبه و يغصّه بريقه و يغصّ منه بما يظهر عليه من السّقطات و يبيّنه من خطئه في وقته [2] و عجزه عن معرفة الخطأ الغامض إذا مرّ به؛ و قصوره عن أداء الغناء القديم فيفضحه بذلك. و قد ذكرت قطعة من هذه الأخبار في أخبار إسحاق و أنا أذكرها هنا منها ما لم أذكر هناك.

و ممّا خالف إبراهيم بن المهديّ و من قال بقوله على إسحاق فيه: الثّقيلان و خفيفهما؛ فإنّه سمّى الثقيل الأوّل و خفيفه الثقيل الثاني و خفيفه، و سمّى الثقيل الثاني و خفيفه الثقيل الأوّل و خفيفه؛ و جرت بينهما في ذلك مناظرات و مجادلات و مراسلة و مكاتبة و مشافهة، و حضرهما النّاس، فلم يكن فيهم من يفي بفصل/ ما بينهما و الحكم لأحدهما على صاحبه. و وضع لذلك [3] مكاييل لتعرف بها أقدار الطرائق، و أمسك كلّ واحد منهما إلى آخر أقداره، فلم يصحّ شي‌ء يعمل عليه، إلّا أن قول إبراهيم بن المهديّ اضمحلّ و بطل و ترك، و عمل الناس على مذهب إسحاق؛ لأنّه كان أعلم الرجلين و أشهرهما. و أوضح إسحاق أيضا لذلك وجوها فقال: إنّ الثقيل الأوّل يجي‌ء منه قدران، الثّقيل الأوّل التّامّ، و القدر الأوسط من الثقيل الأوّل، و جميعا طريقته واحدة لاتّساعه و التمكّن منه، و الثقيل الثاني لا يجي‌ء هذا فيه و لا يقاربه. و الثّقيل الأوّل يمكن الإدراج في ضربه لثقله، و الثّقيل الثاني لا يندرج لنقصه عن ذلك. و لهما في هذا كلام كثير و مخاطبات قد ذكرتها في أخبارهما، و شرحت العلل مبسوطة في كتاب ألّفته في النّغم شرحا ليس هذا موضعه و لا يصلح فيه. و أمّا التّجزئة و القسمة فإنّهما أفنيا أعمارهما في تنازعهما فيهما، حتى كان يمضي لهما الزمان الطويل لا تنقطع مناظرتهما و مكاتبتهما في قسمة و تجزئة صوت واحد فيه، و حتى كانا يخرجان إلى كلّ قبيح، و حتى إنهما ماتا جميعا و بينهما منازعة في هذا الصوت/ و قسمته:

حيّيا أمّ يعمرا

قبل شحط من النّوى‌

لم يفصل بينهما فيها إلى أن افترقا. و لو ذهبت إلى ذكر ذلك و شرح سائر أخبار إبراهيم بن المهديّ و قصصه لمّا ولي الخلافة و غير ذلك من وصفه بفصاحة اللسان، و حسن البيان، و جودة الشعر، و رواية العلم، و المعرفة بالجدل، و جزالة الرأي، و التصرّف في الفقه و اللّغة، و سائر الآداب الشريفة، و العلوم النفيسة، و الأدوات الرفيعة، لأطلت. و إنّما الغرض في هذا الكتاب الأغاني أو ما جرى مجراها، لا سيما لمن كثرت الروايات و الحكايات عنه؛ فلذلك اقتصرت على ما ذكرته من أخباره دون ما يستحقّه من التفضيل و التّبجيل و الثناء الجميل.


[1] يماظ: ينازع.

[2] في الأصول: «وقت».

[3] لعله: و وضع كلاهما أو كل منهما أو نحو ذلك.

نام کتاب : الاغانی نویسنده : ابو الفرج الإصفهاني    جلد : 10  صفحه : 309
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست