إبراهيم بن
العبّاس بن محمد بن صول، و كان صول رجلا من الأتراك، ففتح يزيد بن المهلّب بلده و
أسلم على يديه، فهم موالي يزيد. و لما دعا يزيد إلى نفسه لحق به صول لينصره فصادفه
قد قتل. و كان يقاتل كلّ من بينه و بين يزيد من جيش بني أميّة و يكتب على سهامه:
صول يدعوكم إلى كتاب اللّه و سنّة نبيّه. فبلغ ذلك يزيد بن عبد الملك، فاغتاظ و
جعل يقول: ويلي على ابن الغلفاء! و ما له و للدّعاء إلى كتاب اللّه و سنّة و
نبيّه! و لعلّه لا يفقه صلاته!. و كان ابنه محمد بن صول من رجال الدولة العبّاسية و
دعاتها، و قد كان بعض أهليهم ادّعوا أنه عرب و أن العباس بن الأحنف خالهم. و أمّا
صول فإنّ خالد بن خداش [1] ذكر عن أهله قالوا: كان صول و فيروز أخوين ملكا على
جرجان، و كانا تركيّين تمجّسا و تشبّها بالفرس. فلما حضر يزيد بن المهلّب جرجان
أمّنهما، فأسلم صول على يديه و لم يزل معه حتى قتل يوم العقر [2]. و كان محمد بن
صول يكنى [3] أبا عمارة، أحد الدّعاة، و قتله عبد اللّه بن عليّ لما خالف مع مقاتل
بن حكيم العكّيّ [4] و عدّة آخرين.
كان يقول
الشعر ثم يختاره:
و أمّا إبراهيم
بن العباس و أخوه عبد اللّه فإنهما كانا من وجوه الكتّاب، و كان عبد اللّه أسنّهما
و أشدّهما تقدّما، و كان إبراهيم آدبهما و أحسنهما شعرا، و كان يقول الشعر ثم
يختاره، و يسقط رذله، ثم يسقط الوسط، ثم يسقط ما يسبق إليه، فلا يدع من القصيدة
إلا اليسير، و ربما لم يدع منها إلّا بيتا أو بيتين؛ فمن ذلك قوله:
/
و لكنّ الجواد أبا هشام
و فيّ العهد مأمون المغيب
و هذا ابتداء
يدلّ على أنّ قبله غيره؛ و قوله في أخيه:
و لكنّ عبد اللّه لما حوى الغنى
و صار له من بين إخوته مال
و هذا أيضا
ابتداء يدلّ على أنّ قبله غيره. و كان إبراهيم و أخوه عبد اللّه من صنائع ذي
الرّئاستين، اتّصلا به فرفع منهما. و تنقّل إبراهيم في الأعمال الجليلة و الدواوين
إلى أن مات و هو يتقلّد ديوان الضّياع و النفقات بسرّ من رأى في سنة ثلاث و أربعين
و مائتين للنصف من شعبان.
قال محمد [5]
بن داود و حدّثني أحمد بن سعيد بن حسّان قال حدّثني ابن إبراهيم قال سمعت دعبلا
يقول:
[1]
في الأصول «خراش» بالراء. و قد تقدم خالد بن خداش غير مرة في الأجزاء السابقة.
[2] هو عقر
بابل و هو موضع عند كربلاء قتل عنده يزيد بن المهلب (انظر الحاشية رقم 1 ص 22 ح 9
من «الأغاني» طبع دار الكتب المصرية).
[3] كذا في
الأصول. و لعله: «و يكنى أبا عمارة إلخ».
[4] هو أحد
قواد أبي مسلم الخراساني صاحب الدعوة العباسية. (انظر الكلام عليه في «تاريخ
الطبري» ق 2 ص 2001- 2003، 2005، 2016 طبعة أوربا).
[5] كذا في
ب، س. و في سائر الأصول: «أحمد بن داود».