المقدمة الثالثة فى الدليل و أقسامه و هى أربع مسائل
مسألة الدليل و الامارة اما عقلى او سمعى او مركب
الدّليل هو الّذي يلزم من العلم به العلم بوجود المدلول. و الامارة
هي الّتي يلزم من العلم بها ظنّ وجود المدلول، و كلّ واحد منهما امّا أن يكون
عقليّا محضا او سمعيّا محضا، او مركبا منهما. أمّا العقليّ فلا بدّ و أن يكون بحال
يلزم من وجوده وجود المدلول، فاللزوم حاصل لا محالة من هذا الطّرف. فان لم يحصل من
الطّرف الآخر فهو الاستدلال بالمشروط على الشّرط، كالاستدلال بالعلم على الحياة.
و ان حصل من الطّرف الآخر فهو الاستدلال بالعلّة المعيّنة على
المعلول المعيّن، و بالمعلول المعيّن على العلّة المطلقة و المعيّنة ان ثبت
التساوى، بدليل منفصل او بأحد المعلولين على الثّاني و هو مركّب من الأوّلين او
بأحد المتلازمين على الآخر كالمتضايفين. أمّا السّمعيّ المحض فمحال، لأنّ خبر
الغير ما لم يعرف صدقه لم يفد.
و أمّا المركّب فظاهر.
أقول: الصّواب أن يقال: الدّليل هو الّذي يلزم من النّظر فيه العلم
بالمدلول، فانّ من المدلول ما لا وجود له، و يستدلّ عليه. كنفي العلم الّذي يستدلّ
عليه بنفي الحياة. و كذلك الدّليل. و الامارة هي الّتي يلزم من النّظر فيها الظنّ
بالمدلول.