بالاختلاف البتة من جهة الابصار. و كذب التالى يدلّ على كذب
المقدّم. و لنذكر الآن بعض أحوال النّفس،أقول: إنّه ذكر في مواضع أنّ
القائلين بالنفس يقولون بأنّ مدرك الجزئيّات غير مدرك الكليّات، و ذلك افتراء على
القائلين بالنفس، و الحجّة مبنيّة على ذلك، و مذهبهم أنّ مدركهما شيء واحد هو
النفس، لكنّها تدرك المحسوسات و الجزئيّات المحسوسة بالآلات، و تدرك الكليّات و الجزئيّات
المفارقة بذاتها، و ليس البدن بانفراده مدركا لشيء منهما. و في تمام كلامه في هذه
الحجّة خبط لا فائدة فيه، و لا هو بوارد على أحد من العقلاء.
قال:
مسألة النفوس البشرية متحدة بالنوع او مختلفة؟
مذهب أرسطاطاليس و أتباعه أنّ النفوس البشريّة متّحدة بالنوع، و
احتجوا بأنّها لو اختلفت بالماهيّة بعد اشتراكها في كونها نفوسا بشريّة كانت
مركبّة، لأنّ ما به الاشتراك غير ما به الامتياز، فكلّ مركّب جسم، فالنفس جسم، هذا
خلف.
الاعتراض: لم لا يجوز أن يقال كونها نفوسا بشرية معناه أنّها مدبرة
للأبدان البشرية و كونها مدبرة من عوارضها، فلم لا يجوز أن يقال: إنّها مختلفة
بتمام الماهيّة و مشتركة في العوارض. و ذلك غير ممتنع، كما في الضدّين، فانّهما مع
اختلافهما يشتركان في الاختلاف و التضادّ. سلّمناه، لكن لم قلت: إنّ كلّ مركّب
جسم، بل مذهبكم أن الجسم مركّب من الهيولى و الصورة، لكنّ الموجبة الكليّة لا
تنعكس كنفسها، و كيف و عندهم: الجوهر جنس للنفوس و العقول، و كلّ ما كان تحت جنس
فماهيّته مركّبة من الجنس و الفصل.
أقول: حجّتهم، على أنّ النفوس البشريّة متحدة بالنوع، أنّ الحدّ الواحد
يشملها، و هذا كاف. و أمّا أنّ كلّ مركّب جسم، فان أرادوا به التركيب العقليّ