قبل ولادته، فانّه ربّما قال لبعض الناس: إذا أدركت ولدي بالغا فقل
له إنّ أباك يأمرك بتحصيل العلم. فهاهنا قد وجد الأمر، و المأمور معدوم، حتّى أنّه
لو بقى ذلك الأمر إلى أوان بلوغ ذلك الصبى لصار مأمورا بذلك الأمر.
و عن الثاني انّ الخبر في الأزل واحد، و لكنّه يختلف إضافته بحسب
اختلاف الأوقات، و بحسب ذلك تختلف الألفاظ الدالة عليه كما في العلم.
و عن الثالث انّ تلك الصفات عائدة إلى هذه الحروف و الأصوات، بلا
نزاع.
إنّما الكلام في الصفة القديمة الّتي دلّت عليها هذه العبارات.
أقول: قول عبد اللّه بن سعيد: «إنّ الكلام الأزليّ قد يتغيّر» باطل بوجه آخر، و هو انّ التغيّر لا يمكن
إلّا عند انتفاء شيء او حدوث شيء. فالأزليّ لا يمكن ان يتغيّر. و الأولى ان
يقال: الكلام و إن كان صفة قديمة [يمكن كون] لكن الأصوات و الحروف الدالّة على
تلك الصفة هي ما نزل على الأنبياء و سمعوها و بلغوها إلى اممهم، فهي الموصوفة
بالتغيّر و التكثّر و النزول لا مدلولها التي هي تلك الصفة القديمة.
و قوله: «هذا الكلام لو كان محدثا لكان إمّا ان يحدث في ذات اللّه تعالى، و هو
محال» اقول: هذا هو مذهب الكراميّة، و هم يجوّزون كونه تعالى محلّا للحوادث.
قوله: «أو لا يحدث، و هو محال، لانّ كونه تعالى متكلّما من صفاته، و صفة الشيء
يستحيل ان لا تكون حاصلة فيه»، اقول: المتكلم صفته و الكلام يجوز أن يكون في غيره.
كما انّ الخالق و الرازق صفته و الخلق و الرزق لا يجب ان يكون موجودا فيه، و باقي
الكلام ظاهر.
قال:
مسألة الصفة القديمة المسماة بالكلام عندنا واحدة
هذه الصفة القديمة المسمّاة بالكلام عندنا واحدة. خلافا لبعض
اصحابنا، فانّهم اثبتوا خمس كلمات: الامر، و النهي، و الخبر، و الاستخبار، و
النداء. لنا حقيقة