المذاهب، فانّ المكنة في جميعها حاصلة باعتبار القدرة، و الوجوب واقع
باعتبار الإرادة و العلم.
و المعارضة الثانية- بأنّ المكنة لا تثبت في حال الحصول، لأنّ الحاصل
حينئذ واجب، و مقابله ممتنع و لا قبل الحصول، لأنّ التحصيل في الاستقبال ممتنع في
الحال- مدفوعة بما ذكره. و هو أنّ الحاصل في الحال هو التمكّن من التحصيل في
الاستقبال إلّا أنّ ذلك لا يتمشّى في قدرة العبد مع القول بكونها مقارنة للفعل. و
التحقيق فيه أنّ الوقوع في الاستقبال ممكن الاجتماع مع وجود المكنة في الحال و
ممتنع الاجتماع مع الوقوع في الحال، و المعارض جمع الوقوعين في الحال، حتّى لزم
منه المحال.
و المعارضة الثالثة- بأنّ القادر على قولكم متردّد بين الفعل و
الترك، و الترك لا يكون مقدورا- فجوابها أنّ القادر هو الّذي يصحّ منه أن يفعل و
أن لا يفعل. لا أن يفعل الترك. و المصنّف أورد في جوابه ما أورده في جواب المعارضة
الثانية، و لكن بعبارة اخرى.
و أمّا ما أورده في النوع الثانى من المعارضة، و هو أنّ التمكّن من
التأثير يستدعى صحّة الأثر، فالجواب عنه أنّ التمكّن من التأثير في الأزل متناقض.
فلذلك كان التمكّن من التأثير مطلقا مستدعيا لصحّة الأثر، و لم يكن
مع تقييده بالأزل مستدعيا لها، بل كان مستدعيا لصحّة الأثر بعد ذلك.
و المعارضة التى بعدها- و هى التى سمّاها عند الجواب بالرابعة، و هى
أنّ المقدور لا بدّ و أن يكون متميزا عن غيره حتّى يختصّ القادر بايجاده- فجوابها
أنّ التّميّز العقلىّ كاف. و جوابه بنفى الامور النسبيّة غير نافع هاهنا.
و المعارضة الموسومة بالخامسة- و هى أنّ تعلق القادر بالمقدور يغنى
عند الايجاد و القدرة القديمة لا تغنى- فجوابها أنّ تعلق القادر بالمقدور المطلق
لا يغنى و أمّا بالمقدور المعيّن فأمر إضافى و هو الّذي يسمى بالخالفيّة، و حكمه
حكم سائر الاضافات.