الجسم، و هو محال. و إن كان بالعرض كان ذلك عرضا حالا في الجسم،
فالبارى تعالى لما كان حالّا فيه كان حالّا في الحالّ في الجسم، فكان حالّا في
الجسم، هذا خلف.
أقول: جميع المجسّمة اتّفقوا على أنّه تعالى في جهة. و أصحاب أبى عبد اللّه
ابن الكرّام اختلفوا، فقال محمّد بن الهيصم: إنّه تعالى في جهة فوق العرش، لا
نهاية لها، و البعد بينه و بين العرش أيضا غير متناه. و قال بعض أصحابه: البعد
متناه. و كلّهم نفوا عنه خمسا من الجهات و أثبتوا له التحت الّذي هو مكان غيره.
و باقى أصحاب محمّد بن الهيثم قالوا بكونه على العرش، كما قال سائر
المجسمة.
و بعضهم قالوا بكونه على صورة، و قالوا بمجيئه و ذهابه.
و استدلال المصنّف بنفى التحيّز على نفى الجهة إعادة للدعوى. و
الاختصاص بمكان هو فيه إن كان باختياره لا يقتضي أمرا زائدا يخصّصه به، كما قالوا
في اختياره أحد المتساويين من غير ترجّح. و المكان إن لم يكن وجوديّا كان كونه في
المكان أزلا غير منكر على تقدير إمكان تحيّزه. و مخالفة مكانه لسائر الأمكنة لا
تقتضى كون مكانه موجودا، فانّ العدميّات تتخالف بحسب تخالف ما ينسب إليه. و إن كان
المكان غير مشار إليه لم يجب من ذلك كون المتمكن غير مشار إليه، فانّه من الجائز
أن يصيرا عند التمكّن مشارا إليهما، كما يقال في الصّورة و الهيولى.
و الإشكال الّذي أورد على المكان على تقدير كونه مشارا إليه بأنّه
إمّا أن يكون جسما او عرضا، ليس بمختصّ بهذا الموضع، بل هو وارد على أمكنة جميع
الأجسام. و هاهنا قسم آخر، و هو أن يكون خلاء لو لا الجسم، و قد مرّ فيه ما كان
ينبغى أن يقال فيه. و المعتمد هاهنا أنّ الكائن في الجهة قابل للقسمة و الاشكال و
غير منفكّ من الأكوان. و كلّ ذلك محال في حقّ واجب الوجود تعالى.