على واجب الوجود بذاته. فان عنى به غير ذلك فلا كلام فيه إلّا بعد
تصوّر معناه. و قولهم «غير اللّه إمّا الجسم او العرض» فممنوع كما ذكر. أمّا قولهم:
«الغنىّ عن المحلّ يستحيل أن يحلّ في المحلّ» فصحيح على ما فسّرنا الحلول به.
أمّا على معنى غير ذلك فغير معلوم.
و قوله: «المعقول من الحلول هو حصول العرض في الحيّز تبعا لحصول محلّه فيه» يقتضي أن
يكون حلول الصورة في المادّة غير معقول. و حلول الأعراض النفسانيّة في النفوس غير
معقول [و لو كان الأمر كذلك لكفى ذلك في نفى جميعها، و لما استقلّ المتكلمون بغير
ذلك في إقامة الادلّة على نفسها، بل اقتصروا على القول بأنّ ذلك غير معقول].
و الحقّ أنّ حلول الشيء لا يتصوّر إلّا إذا كان الحال بحيث لا
يتعيّن إلّا بتوسّط المحلّ، و لا يمكن أن يتعيّن واجب الوجود بغيره، فاذن حلوله في
غيره بهذه الوجه محال.
قال:
مسألة اللّه تعالى ليس في شيء من الجهات
إنّه تعالى ليس في شيء من الجهات، خلافا للكراميّة. لنا أنّه ليس
بمتحيّز و لا حالّ في المتحيّز، و ما كان كذلك لم يكن في جهة أصلا، و ذلك معلوم
بالضرورة. و لأنّ مكانه تعالى إن ساوى سائر الأمكنة كان اختصاصه به دون سائر
الأمكنة يستدعى مخصّصا، [و ذلك المخصّص لا بدّ أن يكون مختارا] و كلّ ما كان فعلا
لفاعل مختار فهو محدث، فكونه في المكان محدث، هذا خلف.
و إن خالف سائر الأمكنة كان ذلك المكان موجودا، لأنّ الاختلاف في
النفى المحض محال. و ذلك الموجود إن لم يكن مشارا إليه لم يكن الموجود فيه مشارا
إليه فلم يكن اللّه تعالى في المكان. و إن كان مشارا إليه فان كان كونه كذلك
بالذات كان جسما. فاذا فرضنا اللّه تعالى موجودا فيه كان البارى تعالى حالّا في