إذا أدركنا حقيقة فامّا أن نعتبرها من حيث هى هى، من غير حكم
عليها، لا بالنّفى و لا بالاثبات، و هو التّصوّر او نحكم عليها بنفى او إثبات، و
هو التّصديق.
أقول: خالف المصنّف سائر الحكماء في التّصديق، فانّه عنده إدراك مع الحكم،
كما أنّ التّصوّر إدراك لا مع الحكم، و عندهم أنّ التّصديق هو الحكم وحده، من غير
أن يدخل التّصوّر في مفهومه، دخول الجزء في الكلّ. و التّصوّر هو الادراك السّاذج.
فكأنّهم قسّموا المعاني إلى نفس الادراك و إلى ما يلحقه، و قسّموا ما يلحقه إلى ما
يجعله محتملا للتّصديق و التكذيب، و إلى ما لا يجعله كذلك. كالهيئات اللاحقة به في
الأمر، و النهي، و الاستفهام، و التمنّى، و غير ذلك. و سمّوا القسمين الأوّلين
بالعلم. و ضمير «هو» في لفظ المصنّف في قوله «و هو التّصديق» يرجع إلى مصدر «أدركنا» كما هو في لفظه: «و هو التّصور»، و لا يجوز أن
يرجع إلى مصدر «نحكم»
في قوله: «او نحكم عليها» لأنّ ذلك يقتضي كون التّصديق هو الحكم وحده.
قال: القول فى التصورات
و عندى أن شيئا منها غير مكتسب، لوجهين.
أقول: هذه الصيغة توهم جزئيّة الحكم، و مراده كليّته، مثل ما يقتضي دخول
حرف السلب على النكرة.