به دون غيره، يقتضي ذلك لمن وقف عليه أن يقرّ بكونه نبيّا و ينقاد له
و ذلك هو المعجز.
و لا بدّ من أن يمهّد الشارع لهم طرق المعارف و الاعتراف بالمعبود
يقينا او تقليدا و الاقرار بنبوّة ذلك النبيّ، و أن يضع بينهم القوانين في
معاملاتهم و في سياسة من يخرج عن مصالح التعاون، و أن يفرض عليهم العبادات، لئلا
ينسوا عقائدهم في خالقهم و نبيّهم، و أن يعدهم و يوعدهم في الآخرة، لتكون عقائدهم
موافقة لما يظهرون من العبادات و المعاملات، كيلا يخونوا و لا يذهبوا مذهب أهل
النفاق، و أن يكون الوعد و الوعيد الصادران عنه موافقين لما في نفس الأمر حتّى
يتّقوا به و يعملوا بحسبه. و هذه الضرورات لنوع الانسان أهمّ من خلق الأشفار و
الحاجبين لوقاية العين، و من تعريض الأظفار على لحوم الأصابع، و غير ذلك ممّا
يشبهه.
فالمدبّر للنوع الذي يسوقه من النقصان إلى الكمال، لا بدّ و أن يبعث
الأنبياء و يمهّد الشرائع كما هو موجود في العالم ليحصل النظام و يتعيّش الأشخاص و
يمكن لهم الوصول من النقصان إلى الكمال الذي خلقوا لاجله.
قال:
مسألة في عصمة الأنبياء عليهم السّلام
القائلون بالعصمة، منهم من زعم أنّ المعصوم هو الذي لا يمكنه
الاتيان بالمعاصي، و منهم من زعم أنّه يكون متمكنا منه. و الاوّلون: منهم من زعم
انه يكون مختصا في بدنه او في نفسه بخاصيّة تقتضى امتناع اقدامه على المعاصى، و
منهم من ساعد على كونه مساويا لغيره في الخواصّ البدنيّة، لكن فسّر العصمة،
بالقدرة على الطاعة و بعدم القدرة على المعصية و هو قول أبى الحسن الاشعريّ.
و الذين لم يسلبوا الاختيار فسّروها بأنّه الامر الذي يفعله اللّه
تعالى بالعبد و علم أنّه لا يقدم مع ذلك الامر على المعصية بشرط أن لا ينتهى فعل
ذلك الامر إلى حدّ الالجاء و هؤلاء احتجّوا على فساد قول الاوّلين: من العقل بأنّ
الامر لو كان