الاستدلال بحدوث الاجسام و امكانها و بحدوث الاعراض و امكانها على
وجود اللّه
قد عرفت أنّ العالم إمّا جواهر و إمّا أعراض. و قد يستدلّ بكلّ
واحد منهما على وجود الصانع سبحانه إمّا بامكانه، او حدوثه. فهذه وجوه أربعة:
الأوّل الاستدلال بحدوث الأجسام- و هو طريقة الخليل عليه السّلام
في قوله:
«لااحبّ الآفلين». و تحريره أنّ العالم محدث، و كلّ محدث فله محدث.
أمّا الأوّل فقد مرّ. و أمّا الثانى فالدليل عليه أنّ المحدث ممكن،
و كلّ ممكن فله مؤثّر. أمّا أنّ المحدث ممكن فلانّ المحدث هو الّذي كان معدوما،
ثمّ صار موجودا، و ما هذا شأنه كانت ماهيّته قابلة للعدم و للوجود، و لا نعنى
بالممكن إلّا هذا. و أمّا أنّ الممكن لا بدّ له من مؤثّر فقد تقدّم.
أقول: المتأخّرون من المتكلّمين يقولون: الحكم بأنّ كلّ محدث فلا بدّ له من
محدث بديهىّ غير محتاج إلى الاستدلال بامكانه على احتياجه إلى المحدث.
قال:فان قيل: الكلام على هذه المقدّمات قد تقدّم إلّا على قولنا: «إنّكلّ محدث ممكن».
قوله: «المحدثكان معدوما ثمّ صار موجودا فيكون قابلا للعدم و الوجود لا محالة».
قلنا: من مذهبكم أنّ المعدوم ليس بشيء، و لا عين، و لا ذات، بل كان نفيا محضا، و
إذا كان كذلك استحال الحكم عليه بالقبول و اللاقبول.
سلّمنا صحّة الحكم عليه، لكن لم لا يجوز أن يقال: إنّها حين كانت
معدومة كانت واجبة العدم لعينها، ثمّ في زمان وجودها صارت واجبة الوجود لعينها؟
تقديره أنّ