للأشدّ و الأضعف. لأنّا نقول: الصورة إنّما تكسر بواسطة الكيفيّة
الفائضة فيعود المحذور. و هذا تمام القول في الجواهر الجسمانيّة.
أقول: المتكلّمون لا يقولون بوجوب مقارنة المعلول للعلّة إلّا قوم قليل
منهم، فانّ الأشاعرة يقولون: «لا مؤثر إلّا اللّه»، و إن كان خصماؤهم يلزمونهم القول به في وجود صفات
اللّه تعالى. و أكثر القائلين بالعلّة و المعلول لا يقولون بالمقارنة، لقولهم: إنّ
ذلك يقتضي محالا، و هو تحصيل الحاصل. أمّا الحكماء فيقولون بذلك. و هاهنا يكون
قولهم حجّة عليهم. و لذلك أسنده إلى خصومهم، أعنى المتكلّمين. و جوابه عن قولهم: «الكاسر هو الصورة و المنكسر هو
الكيفيّة بأنّ الصورة تكسر بواسطة الكيفيّة فيعود المحذور» صحيح، فانّه إذا كانت
الصورة موجودة مع الكيفيّة كان مجموعهما لا يمكن أن يكون كاسرا و منكسرا في حالة
واحدة كما لم يمكن في الكيفيّتين. و الحقّ أنّ الكاسر هو الكيفيّة و المنكسر هو
محلّها، و لذلك يحصل التوسّط بين الماء الحارّ و البارد إذا امتزجا من غير حصول
صورتين فيهما، و لا يلزم منه محال.
الجواهر الروحانية و الملائكة و الجن و الشياطين
قال:
أما الجواهر الروحانية
و هى التى لا تكون متحيّزة و لا حالّة في المتحيّز. و قد عرفت أنّ
الفلاسفة هم القائلون بها و عرفت أقسامها، فنقول: أمّا الهيولى فقد سبق الكلام
فيها، و أمّا الأرواح البشريّة فسيأتى القول فيها. و أمّا النفوس السماويّة و
العقول فهى الملائكة.
و قد تكلّمنا على أدلّتهم في إثباتها.
أقول: القول بأنّ القائلين بالجواهر التى لا تكون متميّزة و لا حالّة فيه
هم الفلاسفة، فيه نظر لأنّ أبا القاسم البلخىّ من المعتزلة و أتباعه ذكروا: أنّ
الروح الانسانى جوهر ليس له صفة التحيّز. و إيراد الهيولى هاهنا على أنّها من
الجواهر الروحانيّة ليس بمرضىّ عند القائلين بها. و أمّا النفوس السماوية و
العقول