و الزائد عليه بمقدار متناه متناهيا، فيكون الكلّ متناهيا.
و اعترض الخصم عليهم بأنّ هذا التطبيق لا يقع إلّا في الوهم، و ذلك
يكون بشرط ارتسام المتطابقين فيه، و غير المتناهى لا يرتسم في الوهم، و من البيّن
أنّهما لا يحصلان في الوجود معا، فضلا عن توهّم التطبيق فيهما في الوجود، فاذن هذا
الدليل موقوف على حصول ما لا يحصل، لا في الوهم و لا في الوجود. و أيضا الزيادة و
النقصان إنّما فرض في الطرف المتناهى، لا في الطرف الّذي وقع النزاع في تناهيه،
فهو غير مؤثّر فيه، فهذا حاصل كلامهم في هذا الموضع.
و أنا أقول: إنّ كلّ حادث موصوف بكونه سابقا على ما بعده و يكون
لاحقا بما قبله، و الاعتباران مختلفان. فاذا اعتبرنا الحوادث الماضية المبتدأة من
الآن تارة من حيث كلّ واحد منهما سابق، و تارة من حيث هو بعينه لاحق، كانت السوابق
و اللواحق المتباينتان بالاعتبار متطابقتين في الوجود، و لا يحتاج في تطابقهما إلى
توهّم التطبيق. و مع ذلك يجب كون السوابق أكثر من اللواحق في الجانب الّذي وقع
النزاع فيه. فاذن اللواحق متناهية في الماضى، لوجوب انقطاعها قبل انقطاع السوابق.
و السوابق الزائدة عليها بمقدار متناه متناهية أيضا.
و لما تبيّن امتناع وجود حوادث لا أوّل لها في جانب الماضى، و تبيّن
بما مرّ امتناع وجود حوادث لها أوّل ينتهى إليه و هو سكون أزليّ، فقد تبيّن امتناع
وجود ما لا يخلو الأجسام عنها في الأزل، و تبيّن منه امتناع وجود الجسم في الأزل.
و إذن قد تمّ هذا الدليل في سقوط ما اعترض به عليه منه، و يتمّ بذلك الدليل على حدوث
العالم بطريقة الجمهور. فهذا ما عندى فيه، و أعود إلى النظر فيما في الكتاب.
قال:
مسألة الاجسام بأسرها متماثلة خلافا للنظام
الأجسام بأسرها متماثلة، خلافا للنظّام. و احتج أصحابنا بثلاثة
أوجه: