أحدهاأنّ الأجسام بتقدير استوائها في الأعراض يلتبس بعضها بالبعض، و لو
لا تماثلها لما كان كذلك. و الاعتراض عليه: أنّ هذه الدلالة إنّما تصحّ في حقّ من
تصفّح جميع الأجسام و شاهد التباس كلّ واحد منها بكلّ ما عداها.
فأمّا قبل ذلك فليس إلّا الرجم و الأخذ بالظنّ.
و ثانيهاأنّها بأسرها متساوية في قبول جميع الأعراض، فتكون متساوية في
الماهيّة. و الاعتراض عليه: أنّه لم يصحّ عندنا أنّ جرم النار قابل للكثافة
الأرضيّة، و أنّ جرم الفلك قابل للصفات المزاجية. و قصّة إبراهيم عليه السّلام
[جزئيّة، فلا تدلّ على الحكم الكلّىّ. و أيضا فلم لا يجوز أن يقال: إنّ اللّه
تعالى خلق في بدن إبراهيم] كيفيّة عندها يستلذّ مماسّة النار، كما في النعامة و
غيرها. ثمّ بتقدير تسليم استواء الكلّ في قبول الأعراض، فلا يلزم منه استوائها في
تمام الماهيّة، لأنّ الاشتراك في اللوازم لا يدلّ على الاشتراك في الملزومات.
و ثالثهاأنّ الجسم لا معنى له إلّا الحاصل في الحيّز، و الأجسام بأسرها
متساوية فيه، فتكون مساوية في الماهيّة. و الاعتراض: أنّ الحصول في الحيّز ليس ذات
الجسم، بل حكما من أحكامه، و قد ذكرنا أنّ التساوى في اللوازم لا يدلّ على التساوى
في الملزومات.
أقول: الحدّ الدالّ على ماهيّة الجسم على اختلاف الأقوال فيه واحد عند كلّ
قوم بلا وقوع القسمة فيه، و لذلك اتّفق الكلّ على تماثله، فانّ المختلفات إذا جمعت
في حدّ واحد وقع فيه التقسيم ضرورة، كقولنا: الجسم إمّا القابل للأبعاد او المشتمل
عليها و يراد بهما الطبيعىّ و التعليمىّ. و النظّام يقول بتخالفها لتخالف خواصّها.
و ذلك يوجب تخالف الأنواع، لا تخالف المفهوم من الحدّ، و ذكروا أنّ تقىّ الدين
العجّالي أيضا ذهب إلى تخالف الأجسام. و أنا ما رأيت في كلامه إلّا ما قاله
الجمهور.