و في التّخلف عن جيش أسامة [1]، مع علمهم بقصد
التبعيد [2].
[1]هذه مخالفة أخرى لرسول الله (ص) حيث كان
قد امر المسلمين بالانضواء تحت لواء عقده لاسامة بن زيد لإرعاب الروم.
و قد حرص النبي على أن لا يتخلف أحد عن جيش
اسامة حرصا بالغا حتى انه قال (ص): «لعن الله من تخلف عن جيش أسامة».
(اثبات الهداة ج 2 ص 383)
و لكن أبا بكر خالف الرسول (ص) في هذا أيضا و
تخلف عن الجيش.
[2]و قد كان الرسول (ص) قد لاحظ امورا عديدة
في حرصه على انفاذ هذا الجيش.
منها: اظهار قوة المسلمين في اللحظات الاخيرة
من حياة نبيّهم (ص).
و منها: ارشاد المسلمين الى ان السنّ لا يعد
من محاور الامارة، بل المحور هو: الكفاءة و القدرة و العلم، و لهذا كان قد عقد
اللواء لاسامة و هو في حدود الثامنة عشر من عمره، و جعله أميرا على المسلمين، و
فيهم من بلغ العقد الثامن من عمره ...
و منها: ابعاد المنافقين و الذين في قلوبهم
مرض عن المدينة حتى لا يستغلوا وفاة الرسول (ص) في حياكة المؤامرات ضد المسلمين، و
تثبيط عزم المسلمين في تصديهم للعدوان الرومي، و بثّ بذور التفرقة بين صفوفهم.
و هذه النقطة الاخيرة كانت واضحة جدا للمسلمين
آنذاك، فان إصراره (ص) على انضمام الجميع الى صفوف المقاتلين، و تاكيده على التحاق
بعض الصحابة بصورة خاصة، كان يشير الى ان احد اغراض الرسول (ص) هو إبعاد المنافقين
عن المدينة ...
و مع كل ذلك فقد تخلف أبو بكر، و تخلف معه عمر
و صارا سببا في تخلف كثير من المنافقين، حتى ادى الامر الى عدم تنفيذ رغبة الرسول
(ص) في انفاذ جيش اسامة ...
و قد روى السيد البحراني روايات عديدة في ان
أبا بكر كان في جيش اسامة، عن عدة من كتب العامة في غاية المرام ص 602- 606، و ذكر
الحرّ العاملى في كتاب اثبات الهداة ما يلي:
(... أخرج الطبري في المسترشد ان أبا بكر و
عمر كانا في جيشه «أسامة» و رجعا، و كذا روى الواقدي، و البلاذري، و محمد بن
إسحاق، و ابو بكر الجوهري في كتاب السقيفة و غيرهم، و نظم فيه الناشي، و العوني، و
ابن الحجاج، و ديك الجن، و النميري، و الجزري أشعارهم، قال: و ذكر أبو هاشم المغربي
في كتابه الذي سمّاه «الجامع الصغير» ان أبا بكر استرجع عمرا عن جيش أسامة، و قد
كان في أصحابه).
(اثبات الهداة ج 2 ص 367)
و ذكر- أيضا-: ان النبي (ص) أمر أسامة على جيش
فيه ابو بكر و عمر و أبو عبيدة و غيرهم، و ذلك في مرض الموت، و جعل يقول: جهّزوا
جيش أسامة، و ان أبا بكر و عمر و أبا عبيدة رجعوا من العسكر.