قال : ( وهي حادثة ، وهو ظاهر على قولنا ، وعلى قول الخصم لو كانت أزليّة لزم اجتماع الضدّين ، أو بطلا ما ثبت ، أو ثبوت ما يمنع ).
أقول : اختلف الناس في ذلك ، فالملّيّون على أنّها حادثة [١] ، وهو ظاهر على قولهم من أنّ الواجب تعالى فاعل بالاختيار ، وأثر المختار لا يكون قديما ، مضافا إلى ما ثبت من حدوث العالم وهي من جملة العالم ، ولأجل ذلك قال المصنّف ; : « وهو ظاهر على قولنا ».
وأمّا الحكماء فقد اختلفوا هنا ، فقال أرسطو ـ على ما حكي [٢] ـ : إنّها حادثة.
وقال أفلاطون ـ على ما حكي أيضا [٣] ـ : إنّها قديمة.
والمصنّف ; ذكر هنا حجّة أرسطو على الحدوث أيضا.
وتقرير هذه الحجّة : أنّ النفوس لو كانت أزليّة ، لكانت إمّا واحدة أو كثيرة ، والقسمان باطلان ، فالقول بقدمها باطل.
أمّا الملازمة فظاهرة.
وأمّا بطلان وحدتها : فلأنّها لو كانت واحدة أزلا ، فإمّا أن تتكثّر فيما لا يزال وعند التعلّق ، بالأبدان ، أو لا تتكثّر.
والثاني باطل ، وإلاّ لزم أن يكون ما يعلمه زيد بعلمه كلّ واحد ، وكذا سائر الصفات النفسانيّة ، والمشاهد خلاف ذلك ؛ فإنّه قد يعلم زيد شيئا وعمرو جاهل به.
وأيضا لو اتّحدت نفساهما لزم اتّصاف كلّ واحدة بالضدّين ، أعني العلم والجهل ، ومثله لزوم اتّصاف النفس بالجبن والتهوّر ، والبخل والإسراف.
[١] « شرح المواقف » ٧ : ٢٥٠ ـ ٢٥١ ؛ « شرح المقاصد » ٣ : ٣١٩ ـ ٣٢٠. [٢] حكاه عنه الفخر الرازي في « المحصّل » : ٥٤٤ ؛ « المباحث المشرقيّة » ٢ : ٤٠٠ ، « المطالب العاليّة » ٧ : ١٨٩ ، وانظر : « شرح المواقف » ٧ : ٢٥١ ؛ « شرح المقاصد » ٣ : ٣٢١. [٣] حكاه عنه الفخر الرازي في « المحصّل » : ٥٤٤.