الحمد للّه الّذي وفّقنا لافتتاح المقال بتحميده، و هدنا إلى تصدير
الكلام بتمجيده، و بعثنا على طلب الحقّ و تمهيده. و صلواته على المصطفين من عبيده،
خصوصا على محمّد و آله المخصوصين بتأييده. «الطوسىّ، فاتحة شرح الإشارات».
و هذا ما تيسّر لى من حلّ مشكلات كتاب الإشارات و التّنبيهات، مع
قلّة البضاعة و قصور الباع فى هذه الصّناعة و تعذّر الحال و تراكم الأحوال و
التزام الشّرط المذكور فى مفتتح الأقوال.
و أنا أتوقّع، ممّن يقع إليه كتابى هذا، أن يصلح ما يعثر عليه، من
الخلل و الفساد، بعد أن ينظر فيه بعين الرّضا و يتجنّب طريق العناد. و اللّه ولىّ
السّداد و الرّشاد، و منه المبدأ و إليه المعاد.
رقمت أكثرها في حال صعب، لا يمكن أصعب منها حال، و رسمت أغلبها فى
مدّه كدورة بال، بل فى أزمنة يكون كلّ جزء منها ظرفا لغصّة و عذاب أليم، و ندامة و
حسرة عظيمة، و أمكنة توقد كلّ آن فيها زبانية نار جحيم، و يصبّ من فوقها حميم.
ما مضى وقت ليس عينى فيه مقطّرا و لا بالى مكدّرا، و لم يجيء حين لم
يزد ألمى، و لم يضاعف همّى و غمّى. نعم ما قال الشّاعر بالفارسية.
بگرداگرد خود چندان كه بينم
بلا
انگشترى و من نگينم
و ما لى؟ ليس فى امتداد حياتى زمان ليس مملوّا بالحوادث المستلزمة
للنّدامة الدّائمة و الحسرة الأبدية. و كأنّ استمرار عيشى أمير، جيوشه غموم و
عساكره هموم.
اللّهم نجّنى من تزاحم أفواج البلاء و تراكم أمواج العناء، بحقّ
رسولك المجتبى و وصيّه المرتضى- صلّى اللّه عليهما و آلهما- و فرّج عنّى ما أنا
فيه، بلا إله إلّا أنت، و أنت أرحم الراحمين. «الطوسىّ، خاتمة شرح الإشارات».
1- نسبه هو المحقّق أبو جعفر، الخواجة، نصير الدّين محمّد بن محمّد بن
الحسن الطوسىّ. كان أبوه وجيه الدّين محمّد من فقهاء الشيعة الإماميّة و محدّثيم،
قائما