8- إيجاده دار الكتب اتّخذ فى الرّصد خزانة عظيمة فسيحة، و ملأها من
الكتب المجموعة من شتّى البلاد الإسلاميّة حتّى جمعت فيها زيادة على أربع مائة ألف
مجلّد، و جعل تلميذه المورّخ المشهور، ابن الفوطىّ، خازنا لدار الكتب.
9- حفظه للأوقاف نظر فى أمر الأوقاف فى البلاد الإسلاميّة، فجعلها تحت
رعايته الخاصّة و ولّى عليها فى كلّ بلد رجلا ذا كفاية، و أوفى معيشة الفقهاء و
المدرّسين و المحتاجين و أطلق المشاهرات و قرّر القواعد فيها و أصلحها بعد
اختلافها و أبقاها على الوقفيّة على مستحقيه إلى أن يرث اللّه الأرض و من عليها من
العباد.
10- عنايته بأهل العلم عمل فى الرّصد مدرسة علميّة عظيمة كان يدرس فيها
الحكمة و الطبّ و الفقه و الرّياضىّ و سائر العلوم، و نظر فى شؤون المتعلّمين و
العلماء الذين جاسوا إليه من خلال الدّيار، فرعاهم بعين عنايته و أدرّ عليهم ما
يحتاجون إليه من كلّ جهة و رتّب لهم مراتب، فضمّ شملهم بوافر عطائه، و كان يحنّ
عليهم حنين الوالد على أولاده، فكانوا بما يجب عليهم من ناحية العلم و واهبه
عاملين، و برؤيته فرحين.
11- تعليمه أقبل إليه لاقتناء العلوم و المعارف منه كثيرون من بغاة
العلم و طلّاب المعرفة، فلازموه ملازمة الفىء للشّىء فى حلّه و ترحاله، و استقوا
من معين علمه، فسقاهم اللّه به ريّا رويّا لا ظمأ بعده، و استضاؤوا من مشكاة فضله،
فأنار قلوبهم بضياء معرفته، فاقتبسوا من شرار ناره نكت الزّبور و آنسوا من جانب
طوره أثر النور.
فلمّا جهّزهم بجهازهم من نمير علمه بقى جمع منهم فى ظلّه آمنين و
بأمر الافاضة على المستعدّين قائمين، و رجع جمّ غفير منهم إلى أوطانهم لينذروا
قومهم. فكان كلّ واحد منهم علما فى العلوم يرجع إليه الطالبون فنشروا علومه و
آثاره، فأشرقت بنور هدايتهم أرجاء البلاد.
و هاك نخبتهم: العلّامة الحلىّ، و قطب الدّين الشّيرازىّ، و السّيّد
ركن الدّين