المطلب
الثاني: في الأحكام: الجعالة جائزة من الطرفين، فللعامل الفسخ قبل إتمام العمل و
لا شيء له، لأنه أسقط حقه، (1)
قلنا: لما كانت الجهالة في الثوب باعتبار عدم تشخصه، و شدة تفاوت افراده لم تغتفر
جهالته، بخلاف العبد المعين فإنه لتشخصه يتسامح بجهالة صفاته و احتماله الا على و
الأدون، فإنه لا يقبل تعدد الذات و الصفات إذ هي بحسب الواقع شيء واحد، غاية ما
في الباب أنه غير معلوم الآن، لكنه معين في حد ذاته، و مختار المصنف قوي، و على
هذا فيصح جعل صبرة معينة من الطعام و إن لم يعلم قدرها، فتكفي المشاهدة بطريق
أولى.
و اعلم أن
المصنف في التذكرة قال في آخر هذا البحث: و هو قريب من استئجار المرضعة بجزء من
الرضيع الرقيق بعد الفطام[1]. و في إحياء الموات
من هذا الكتاب قال: و لو قال: اعمل و لك نصف الخارج بطل، لجهالة العوض اجارة و
جعالة، و هو يقتضي عدم جواز الجعالة مع جهالة الجعل مطلقا.
قوله: (المطلب
الثاني: في الأحكام، الجعالة جائزة من الطرفين فللعامل الفسخ قبل إتمام العمل و لا
شيء له، لأنه أسقط حقه).
[1] قد
يقال: إنه لم يسقط حقه مطلقا، و إنما أسقطه بالنسبة الى ما بقي، فكيف لا يستحق لما
مضى؟ و يقوى هذا الإشكال في العمل الذي تقابل أجزاؤه بالأجرة، كبناء الحائط مثلا.
و قد احتمل في التذكرة الاستحقاق لما مضى، و كأن آخر كلامه يقتضي ترجيح الاحتمال[2]. و يقوى
الاحتمال لو مات أو شغله ظالم وفاقا للدروس[3]، لكن ظاهره أن ذلك
في نحو خياطة الثوب لا في نحو رد العبد.