و قد ذكرنا
غير مرة أن النكاح ليس معاوضة محضة، و أن له أحكاما مختصا بها عن سائر المعاوضات.
إذا تقرر
ذلك، فلو طلقها قبل الدخول في صورة التفويض بنى على القولين.
فعلى القول
ببطلان التفويض- و هو الذي عبّر عنه المصنف بالأول- يجب لها نصف مهر المثل، لأنه
وجب بالعقد فينتصف بالطلاق.
و على
الثاني- و هو الصحة المعبّر عنه بقوله: (فيصح التفويض وثوقا بنظره)- يجب المتعة
كما في كل مفوضة، و القول بالصحة مع المصلحة قوي.
و اعلم أن
كلام الشيخ تضمن أمرين:
أحدهما:
فساد التفويض.
و الثاني:
وجوب مهر المثل بنفس العقد. و المصنف رحمه اللّه تعرض الى رد الأول، و لم يتعرض
للثاني، و هو أيضا مردود تفريعا على القول بفساد التفويض، لأنه لم يجر لمهر المثل
ذكر في العقد، فكيف يعقل وجوبه بغير سبب و لا تراض منهما.
فإن قيل:
لما كان التفويض فاسدا وجب أن يثبت مقابله، و هو وجوب مهر المثل بالعقد، و لا
امتناع في تقييد إطلاق العقد بمهر المثل، كما يقيّد إطلاق الاذن من الزوجة للوكيل
في الإنكاح مجردا عن ذكر المهر بمهر المثل.
قلنا: الفرق
واقع فإن الإطلاق يتقيّد بالقرينة، بخلاف ما نحن فيه، لأن العقد بالنسبة إلى ما
يترتب عليه سبب، و الأسباب أمور وجودية واقعة على وجوه خاصة لا يكفي فيها مجرد
القصد و لا دلالة القرائن، فلا يكون تجرد العقد عن المهر موجبا لمهر المثل في محل النزاع،
و سائر ما أشبهه.
و بذلك صرّح
الشيخ في المبسوط في فضل التفويض قال: و متى عقد وليها