أما بعد: فهذا كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال و الحرام لخّصت
فيه لب الفتاوى خاصة، و بيّنت فيه قواعد أحكام الخاصة، إجابة لالتماس أحب الناس
اليّ، و أعزهم عليّ، و هو الولد العزيز محمد، الذي أرجو من اللَّه تعالى طول عمره
بعدي، و أن يوسدني في لحدي، و أن يترحّم عليّ بعد مماتي كما كنت أخلص له الدعاء في
خلواتي، رزقه اللَّه سعادة الدارين، و تكميل الرئاستين، فإنه برّ بي في جميع
الأحوال، مطيع لي في الأقوال و الأفعال، و اللَّه المستعان و عليه التكلان، و قد
رتبت هذا الكتاب على عدة كتب:
يقتضي الوافر من سيب[1] قسمه، و الهامر[2] من مدرار
ديمه، و الصلاة على رسوله محمّد المصطفى، رافع أعلام الإيمان، و ناهج سبيل الجنان،
و على آله حماة الدين، و ولاة مشارع اليقين، صلاة تملأ أقطار السماوات و الأرضين،
و تبلغ أسماع الخلائق أجمعين.
و بعد: فانّ
كتاب (قواعد الأحكام في مسائل الحلال و الحرام) لشيخنا الأعظم، شيخ الإسلام، مفتي
فرق الأنام، بحر العلوم، محيي دارس الرسوم، حبر الأمّة، مميت البدعة، ناصر السنة،
جمال الملّة و الحق و الدين، أبي منصور الحسن بن الشيخ الفقيه السعيد، الأجلّ
المقدس، سديد الملّة و الدين، يوسف بن المطهر الحلّي، سقى اللَّه تعالى ضريحه مياه
الرضوان، و رفع قدره في فراديس[3] الجنان.
كتاب لم
يسمح الدهر بمثاله، و لم ينسج ناسج على منواله، قد احتوى من الفروع الفقهية، على
ما لا يوجد في مصنّف، و لم يتكفّل ببيانه مؤلّف، و لم يتفق له شرح يبرز حقائقه من
مكنونها و يظهر دقائقه من مصونها.
[1]
السيب: العطاء. قاله الجوهري في الصحاح 1: 150 مادة «سيب».
[2] الهمر:
صب الدمع و الماء و المطر. قاله ابن منظور في لسان العرب 5: 266 مادة «همر».
[3] فراديس
جمع مفرده الفردوس: هي البستان الذي فيه الكرم و الأشجار. قاله الطريحي في مجمع
البحرين 4: 91 مادة «فردس».