و ثانيهما: أفعل من، منع الكوفيون صرفه للضرورة. قالوا لأن حذف
تنوينه لأجل من فلا يجمع بينهما. و مذهب البصريين جوازه لأن المانع له إنما هو
الوزن و الوصف كأحمر لا من، بدليل صرف خير منه و شر منه لزوال الوزن. و مثال الصرف
للتناسب قراءة نافع و الكسائىسَلاسِلَ وَ أَغْلالًا وَ سَعِيراً [الإنسان: 4]قَوارِيرَا قَوارِيرَا [الإنسان: 15] و قراءة الأعمش بن مهران و لا يغوثا و يعوقا و نسرا
[نوح: 23].
تنبيه: أجاز قوم صرف الجمع الذى لا نظير له فى الآحاد اختيارا، و
زعم قوم أن صرف ما لا ينصرف مطلقا لغة. قال الأخفش: و كأن هذه لغة الشعراء لأنهم
اضطروا إليه فى الشعر فجرت ألسنتهم على ذلك فى الكلام (و المصروف قد لا ينصرف) أى
للضرورة، أجاز ذلك الكوفيون و الأخفش و الفارسى، و أباه سائر البصريين. و الصحيح
الجواز. و اختاره الناظم لثبوت سماعه،سم أى مما لا يقع مثله فى النثر. قوله: (ورد بقوله إلخ) قال
الصفوى: و ضعف الرد بمنع الدليل لأن تنوين المؤنث بالألف كدنيا لغة فيه فلعل
الشاعر من أهل هذه اللغة قوله: (و دنيا) معطوف على جزءا و المعنى فجاعل منه جزءا
لآخرتى و جاعل منه دنيا تنفع.
قوله: (لأجل من) أى لقيامها مقام المضاف إليه فالمانع قوى لكونه
كلمة مستقلة بخلاف سائر موانع الصرف. و قوله: فلا يجمع بينهما أى بين التنوين و من
ملفوظة أو مقدرة لا اختيارا و لا ضرورة. قوله:
(و
مذهب البصريين جوازه) و يدل له قول امرئ القيس:
و ما الإصباح منك بأمثل
فصرف أمثل للضرورة مع وجود من المقدمة عليه فى قوله منك قاله
الدمامينى. قوله: (إنما هو الوزن و الوصف) أى فيجوز الجمع بينهما و بين التنوين
ضرورة لعدم قوتهما قوة من. قوله: (صرف الجمع الذى لا نظير له فى الآحاد) كسلاسلا و
سببه جمعهم له جمع السلامة نحو: صواحبات فأشبه الآحاد اه دمامينى. قوله: (فى
الكلام) أى النثر. قوله: (و أباه) أى منعه سائر البصريين لكونه خروجا عن الأصل
بخلاف صرف ما لا ينصرف فإنه رجوع إلى الأصل فاحتمل فى الضرورة و للكوفيين و من
وافقهم أن يمنعوا عدم تجويز الضرورة الخروج عن الأصل.
(788)- قاله
المثلم بن رياح المرى من قصيدة من الكامل. و الفاء لعطف المفصل على المجمل. و
ارتفاع جاعل بالابتداء و خبره محذوف: أى فمنه جاعل أجرا. و الشاهد فى دنيا حيث
نونه، و هو عطف على أجرا. و فيه حذف تقديره:
و منه جاعل دنيا و تنفع- فى محل النصب- صفة دنيا.
[788] - البيت للمسلم بن رياح فى المقاصد النحوية 4/
376.
نام کتاب : حاشية الصبان على شرح الأشموني على ألفية ابن مالك و معه شرح الشواهد للعيني نویسنده : الصبان الشافعي جلد : 3 صفحه : 413