من أن و معموليها، و التقدير لكونه الأصل فى حال عدم المقتضى
للعدول عنه، قيل: و لا يصح أن تكون حالا من خبر أن و هو الأصل لما يلزم عليه من
عمل أن فى الحال؛ لأن العامل فى الحال هو العامل فى صاحبها و أنه عامل ضعيف؛ لأنه
عامل معنوى- و فيه نظر؛ لأن العامل المعنوى إنما يمتنع عمله فى الحال مؤخرا لا
مقدما. قال فى الخلاصة:
و عامل ضمّن معنى الفعل لا
حروفه مؤخّرا لن يعملا
فالحق جواز ذلك الوجه أيضا، و يصح أن تكون الجملة عطفا على خبر أن
و هو الأصل (
قوله: فإن مرتبة
العامل التقدم على المعمول)أى: لأنه لما أثر فيه رجح جانبه عليه بالتقديم؛ و لأن العامل علة
فى المعمولية و العلة مقدمة على المعلول (قوله: لأن فى المبتدأ تشويقا إليه)أى: لما معه من الوصف الموجب لذلك، أو
الصلة كذلك كقوله:
حارت فى المثال: و الحاصل أن فى قوله: حارت البرية تشويقا للنفس
إلى علم الخبر، فإذا قيل حيوان تمكن فى النفس؛ لأن الحاصل بعد الطلب أعز من
المنساق بلا تعب، و قد يقال: إن كون المبتدأ مشوقا للخبر إنما يدعو إلى التقديم لا
لكونه أهم. اه أطول.
(قوله: حارت
البرية فيه)أى: فى أنه
يعاد أو لا يعاد أى: اختلفت فيه البرية، فأطلق الملزوم و أراد اللازم؛ لأن الحيرة
فى الشىء يلزمها الاختلاف فاندفع ما يقال: إن الفريق القائل بالبعث جازم به، و
البعض المنكر له جازم بعدمه، و إذا كان كل من أهل المذهبين جازما بمذهبه فأين
الحيرة؟ أو يقال: إن الاختلاف من المجموع من حيث هو مجموع أثر حيرته، و إن كان كل
واحد جازما بمذهبه، أو يقال: إن مذهب الهادى لما كان يحتاج إلى دفع الشبه، و كذا
مذهب الضال و دفع الشبه لا يخلو غالبا عن حيرة
[1]من الخفيف، و هو لأبى العلاء المعرى فى داليته المشهورة بسقط
الزند 2/ 1400، و المفتاح ص 98، و شرح المرشدى 1/ 59، و لطائف التبيان ص 51، و
الإشارات ص 46، و معاهد التنصيص 1/ 135، و شرح عقود الجمان 1/ 68، و المصباح ص 15.
نام کتاب : حاشية الدسوقي على مختصر المعاني نویسنده : دسوقي، محمد جلد : 1 صفحه : 627