نام کتاب : حاشية الدسوقي على مختصر المعاني نویسنده : دسوقي، محمد جلد : 1 صفحه : 575
(نحو:وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ[1]) أى: نوع من الأغطية؛ و هو غطاء للتعامى عن
آيات اللّه، و فى المفتاح أنه للتعظيم؛ أى: غشاوة عظيمة (أو التعظيم، أو التحقير،
شخصا يدل عليها نوعا، و لعل الشارح أخذ القصد من ياء المصدر بجعله
مصدر المتعدى أى: الجعل نوعا، و الجعل بالقصد، و قد تقدم نظير ذلك فى قوله و
بالعلمية (قوله: غشاوة)أى: فليس المراد فردا من أفراد الغشاوة؛ لأن
الفرد الواحد لا يكون بالأبصار المتعددة، بل المراد نوع من جنس الغشاء، و ذلك
النوع هو غطاء التعامى كما قال الشارح، و إنما لم يعبر الشارح بالعمى إشارة إلى
تكلفهم العمى عن الآيات؛ لأنه ليس بهم عمى حقيقة، بل يعرفون الآيات و يفهمونها، و
لكن يظهرون أنهم لا يعرفونها، فالحاصل أن التعامى تكلف العمى، و المراد هنا
الإعراض عن آيات اللّه، فإضافة الغطاء للتعامى من إضافة السبب للمسبب؛ لأن الغطاء
القائم بالقلوب الذى يصرف الأبصار عن النظر فى آيات اللّه سبب فى تعاميهم، و
إعراضهم عن آيات اللّه (قوله: أى نوع من الأغطية)الأولى نوع من الغشاء؛ لأن الغشاء جنس تحته نوعان متعارف و هو القائم
بالأعين المسمى بالعمى، و الثانى غير متعارف و هو الغطاء الذى يصرف الأبصار عن
النظر فى آيات اللّه لأجل الاعتبار، و أما الأغطية فهو جمع تحته أفراد و كلامنا فى
الأنواع (قوله: و فى
المفتاح إلخ)أى: و الأول
ذكره الزمخشرى فى الكشاف.
(قوله: أى غشاوة
عظيمة)أى: لكونها
تحجب أبصارهم بالكلية و تحول بينها و بين إدراك الأدلة الموصولة لمعرفة المولى أى:
و ما قاله فى المفتاح أولى؛ لأن المقصود بيان بعد حالهم عن الإدراك و التعظيم أدل
عليه و أوفى بتأديته، و قد يقال لا تنافى بين كلام المصنف و المفتاح؛ لأن الغشاوة
العظيمة نوع من مطلق الغشاوة، فمراد المصنف بقوله نحو: و على أبصارهم غشاوة أى:
نوع من الغشاء، و هو الغشاوة العظيمة، و ذلك النوع هو غطاء التعامى- فتأمل.
(قوله: أو
التعظيم أو التحقير)أى: يذكر المسند إليه نكرة لإفادة تعظيم معناه أو تحقيره، و أنه بلغ
فى ارتفاع الشأن أو فى الانحطاط مبلغا لا يمكن أن يعرف لعدم الوقوف على عظمه فى
الأول، و لعدم الاعتداد به و الالتفات إليه فى الثانى.