(5) و قال تعالى: «إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَ الْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَ ازَّيَّنَتْ وَ ظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها [1] أَتاها أَمْرُنا [2] لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً [3] كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ [4]».
(6) و قال صاحب كليلة و دمنة:
يبقى الصّالح من الرجال صالحا حتى يصاحب فاسدا فإذا صاحبه فسد، مثل مياه الأنهار تكون عذبة حتى تخالط ماء البحر فإذا خالطته ملحت. و قال: من صنع معروفا لعاجل الجزاء فهو كملقى الحب للطير لا لينفعها بل ليصيدها به.
(7) و قال البحترى:
وجدت نفسك من نفسى بمنزلة
هى المصافاة بين الماء و الرّاح [5]
(8) و قال أبو تمّام فى مغنّية تغنّى بالفارسية:
و لم أفهم معانيها و لكن
ورت كبدى فلم أجهل شجاها [6]
فبتّ كأنّنى أعمى معنّى
يحبّ الغانيات و لا يراها [7]
(9) و قال فى صديق عاق:
إنّى و إيّاك كالصادى رأى نهلا
و دونه هوّة يخشى بها التّلفا [8]
رأى بعينيه ماء عزّ مورده
و ليس يملك دون الماء منصرفا
[1] متمكنون من تثميرها.
[2] أتاها أمرنا: أى أصبناها بآفة تهلك زرعها.
[3] الحصيد: ما يحصد من الزرع، و المراد جعل زرعها يابسا جافا.
[4] كأن لم تغن بالأمس: أى كأن لم يكن بها زرع.
[5] الراح: الخمر.
[6] ورت كبدى: ألهبته، و الشجا مصدر شجى يشجى أى حزن، و المعنى لم أجهل ما بعثته فى نفسى من الحزن.
[7] المعنى: المتعب الحزين.
[8] الصادى: الظمآن، و المراد بالنهل هنا مورد الماء، و الهوة: ما انهبط من الأرض ...