نام کتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية نویسنده : علی جارم جلد : 0 صفحه : 229
من تدبير الأمور، فهى بدل منها. و لا شك أنك لحظت أن الجملة الثانية
مفصولة عن الأولى فى كل مثال من الأمثلة الثلاثة، و لا سر لهذا الفصل سوى ما
بينهما من تمام التآلف و كمال الاتحاد[1]. و لذا يقال إن بين الجملتين كمال
الاتصال.
تأمل مثالى الطائفة الثانية تجد الأمر على العكس، فإن بين الجملة
الأولى و الثانية فى كل مثال منتهى التباين و غاية الابتعاد، فإنهما فى المثال
الرابع مختلفان خبرا و إنشاء. و هذا جلى واضح. أما فى المثال الخامس فلأنه لا
مناسبة بينهما مطلقا إذ لا رابطة فى المعنى بين قوله: «وإنما المرء بأصغريه» و قوله: «كلامرىء رهن بما لديه»، و هنا تجد الجملة الثانية فى كل من المثالين
مفصولة عن الأولى، و لا سر لذلك إلا كمال التباين و شدة التباعد[2]، و لذلك يقال فى هذا الموضع إن بين الجملتين كمال الانقطاع.
انظر إلى المثال الأخير تر أن الجملة الثانية فيه قوية الرابطة
بالجملة الأولى؛ لأنها جواب عن سوال نشأ من الأولى، فكأن أبا تمام بعد أن نطق
بالشطر الأول توهم أن سائلا سأله، كيف لا يحول حجاب الأمير بينك و بين تحقيق
آمالك؟ فأجاب: «إنالسماء ترجّى حين تحتجب» فأنت ترى أن
الجملة الثانية مفصولة عن الأولى، و لا سر لهذا الفصل إلا قوة الرابطة بين
الجملتين، فإن الجواب شديد الارتباط و الاتصال بالسؤال فأشبهت الحال هنا من بعض
الوجوه حال كمال الاتصال التى تقدمت، و لذلك يقال إن بين الجملتين شبه كمال
الاتصال.
[1]لأن الجملة الثانية هنا إما أن تكون بمعنى
الأولى أو بمنزلة الجزء منها كما رأيت، و هذا يقتضى ترك العطف لأن الشىء لا يعطف
على نفسه، و الجزء لا يعطف على كله.
[2]إنما وجب ترك العطف هنا لأن العطف يكون للجمع
بين الشيئين و الربط بينهما. و لا يكون ذلك فى المعنيين إذا كان بينهما غاية
التباين.
نام کتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية نویسنده : علی جارم جلد : 0 صفحه : 229