نام کتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية نویسنده : علی جارم جلد : 0 صفحه : 131
بلاغة الكناية
الكناية مظهر من مظاهر البلاغة، و غاية لا يصل إليها إلا من لطف طبعه
و صفت قريحته، و السّرّ فى بلاغتها أنها فى صور كثيرة تعطيك الحقيقة مصحوبة
بدليلها، و القضية و فى طيّها برهانها، كقول البحترى فى المديح:
يغضّون فضل اللّحظ من حيث ما بدا
لهم عن مهيب فى الصّدور محبّب
فإنه كنى عن إكبار الناس للممدوح و هيبتهم إيّاه بغضّ الأبصار الذى
هو فى الحقيقة برهان على الهيبة و الإجلال، و تظهر هذه الخاصة جلية فى الكنايات عن
الصفة و النسبة.
و من أسباب بلاغة الكناية أنها تضع لك المعانى فى صور المحسّات، و لا
شك أنّ هذه خاصة الفنون فإن المصوّر إذا رسم لك صورة للأمل أو اليأس بهرك و جعلك
ترى ما كنت تعجز عن التعبير عنه واضحا ملموسا.
فمثل «كثيرالرّماد» فى الكناية عن الكرم و «رسولالشرّ» فى الكناية عن المزاح و قول البحترى:
أوما رأيت المجد ألقى رحله
فى آل طلحة ثم لم يتحوّل
فى الكناية عن نسبة الشرف إلى آل طلحة، كلّ أولئك يبرز لك المعانى فى
صورة تشاهدها و ترتاح نفسك إليها.
و من خواص الكناية أنها تمكّنك من أن تشفى غلتك من خصمك من غير أن
تجعل له سبيلا؛ و دون أن تخدش وجه الأدب، و هذا النوع يسمى بالتعريض، و مثاله قول
المتنبى فى قصيدة يمدح بها كافورا و يعرّض بسيف الدولة:
[1]الشادن: ولد الغزال، و الضيغم: الأسد، أراد
بالباكى بأجفان الشادن المرأة الحسناء، و بالباكى بأجفان الضيغم، الرجل الشجاع،
يقول كم من نساء و رجال بكوا على فراقى و جزعوا لارتحالى.
نام کتاب : البلاغة الواضحة، البيان و المعاني و البديع للمدارس الثانوية نویسنده : علی جارم جلد : 0 صفحه : 131