نام کتاب : الأشباه و النظائر في النحو نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 4 صفحه : 56
و ليس في الأوجه التي يحتملها هذا الكلام أن يكون المراد بالاستفهام
طلب تعيين المسند إليه، و ذلك بأن يكون المتكلّم عالما بوقوع الفعل، و لكن جهل عين
الفاعل؛ فإنّه لو أريد ذلك لم يول أداة الاستفهام ما هو عالم بحصوله و هو الفعل، و
يؤخّر عنها ما هو شاكّ فيه و هو الفاعل. و إنّما كان سبيله أن يعكس الأمر فيقول:
«أزيدخرج». و على هذا فإذا قيل: «أزيدخرج» احتمل الكلام ما احتمله ذلك المثال، و احتمل مع ذلك وجها آخر و
هو السؤال عن المسند إليه. و تكون الجملة على هذا التقدير الأخير اسمية لا فعلية،
و على تقدير أنّ السؤال عن المسند فعلية لا اسمية، و ارتفاع الاسم حينئذ بفعل
محذوف على شريطة التفسير، و على تقدير أنّه عن النّسبة محتملة للاسميّة و
الفعليّة، و الأرجح الفعليّة؛ لأنّ طلب الهمزة للفعل أقوى فهي به أولى. و النحويّون
يجزمون برجحان الفعلية في هذا المثال و نحوه مطلقا، بناء على ما ذكرنا من أولويّة
الهمزة بالجمل الفعلية.
و التحرير ما ذكرنا، فمتى قامت قرينة ناصّة على أنّ السؤال عن المسند
إليه تعيّنت الاسميّة، أو عن المسند تعيّنت الفعليّة، و إلّا فالأمر على الاحتمال
و ترجيح الفعلية كما ذكروا. و أمّا أسماء الاستفهام فكلّها مضمّنة معنى الهمزة
التي يطلب بها التصوّر. و النحويون يقولون: «معنىالهمزة»، و يطلقون، و هو صحيح إلّا أنّ فيه إجمالا و نقصا في
التّعليم؛ و إنّما لم يوضّحوا ذلك لأنّ الكلام في هذه الأغراض ليس من مقاصدهم.
الفصل الثالث: في الفرق بين قسمي (أم):
تفترق «أم» المتّصلة، و تسمّى المعادلة أيضا، و «أم» المنقطعة، و تسمى المنفصلة أيضا، من كلّ واحدة من جهتي اللفظ و
المعنى من أربعة أوجه:
فأما الأوجه اللفظية: فأحدها: باعتبار ما قبلهما، و ذلك أنّ ما قبل
المتّصلة لا يكون إلّا استفهاما لفظا و معنى، أو استفهاما لفظا لا معنى. فالأول
نحو: «أزيدقائم أم عمرو»، و الثاني نحو: «سواءعليّ أقمت أم قعدت»، فإنّ الهمزة هنا قد خلع منها معنى الاستفهام، و
لهذا يصحّ في مكانها و مكان ما دخلت عليه المصدر فيقال:
«سواءعليّ قيامك و قعودك» و يصحّ تصديق الكلام الذي
هي فيه و تكذيبه، و لا يستحقّ المتكلّم به جوابا؛ و استعملت في لازم الاستفهام، و
هو التّسوية ألا ترى أنّ الطالب لفهم الشيء استوى عنده وجوده و عدمه، أعني استواءهما
في أصل الاحتمال، و إن كان أحدهما قد يكون راجحا. و هذا المعنى أشار إليه سيبويه
رحمه اللّه بقوله: «وإنّما جاز الاستفهام هنا لأنّك سويت الأمرين
عندك كما استوى ذلك
نام کتاب : الأشباه و النظائر في النحو نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 4 صفحه : 56