نام کتاب : الأشباه و النظائر في النحو نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 4 صفحه : 182
حذف الفاء قوله تعالى:يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا
الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ [آل عمران: 106] التقدير: فيقال لهم أكفرتم
فحذفها هاهنا من أحسن الحذوف و أجراها في ميدان البلاغة.
و الغالب على (أمّا) التكرير كقوله تعالى:أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ
لِمَساكِينَ [الكهف: 79]،
ثمّ قال:وَ أَمَّا
الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ [الكهف: 80]، ثمّ قال:وَ أَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ [الكهف: 82]، و قد جاءت غير مكرّرة في قوله:يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمْ
بُرْهانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً فَأَمَّا
الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ اعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ
مِنْهُ وَ فَضْلٍ [النساء: 174-
175].
و اعلم أنّ (أمّا) لمّا نزّلت منزلة الفعل نصبت، و لكنّها لم تنصب
المفعول به لضعفها، و إنّما نصبت الظّرف الصحيح كقولك: «أمّااليوم فإنّي منطلق» و «أمّاعندك فإنّي جالس» و تعلّق بها حرف الظّرف في نحو قولك: «أمّافي الدار فزيد نائم». و إنّما لم يجز أن يعمل ما بعد الظّرف في
الظّرف، لأنّ ما بعد (إنّ) لا يعمل فيما قبلها، و على هذا يحمل قول أبي عليّ: «أمّاعلى أثر ذلك فإنّي جمعت»، و مثله قولك:
«أمّافي زيد فإني رغبت». ف (في) متعلّقة ب (أمّا)
نفسها في قول سيبويه و جميع النحويّين إلّا أبا العبّاس المبرّد فإنّه زعم أنّ
الجارّ متعلّق برغبت، و هو قول مباين للصحّة، خارق للإجماع، لما ذكرته لك من أنّ
(إنّ) تقطع ما بعدها عن العمل فيما قبلها فلذلك أجازوا: «زيداجعفر ضارب» و لم يجيزوا «زيداإنّ جعفرا ضارب» فإن قلت: «أمّازيدا فإنّي ضارب» فهذه المسألة فاسدة في قول جميع النحويّين لما
ذكرته لك من أنّ (أمّا) لا تنصب المفعول الصّريح، و أنّ (إنّ) لا يعمل ما بعدها
فيما قبلها، و هو في مذهب أبي العبّاس جائز و فساده واضح.
المسألة الثانية[1]: أمّا مجيء الفاعل المضمر مفردا في قوله:قُلْ أَ رَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ
عَذابُ اللَّهِ [الأنعام: 40،
47]، و كذلك في التثنية إذا قلت: (أرأيتكما) و في خطاب جماعة النّساء إذا قلت:
(أرأيتكنّ)، فإنّما أفرد الضمير في هذا النحو لأنّه لو ثنّي و جمع فقيل
(أرأيتماكما) و (أرأيتموكم) و (أرأيتنّكنّ) كان ذلك جمعا بين خطابين، و لا يجوز
الجمع بين خطابين، كما لا يجوز الجمع بين استفهامين، ألا ترى أنّك إذا قلت: (يا زيد)
فقد أخرجته بالنّداء من الغيبة إلى الخطاب لوقوعه موقع الكاف من قولك: (أدعوك) و
(أناديك)، فلذلك قال الشاعر: [الكامل]