نام کتاب : الأشباه و النظائر في النحو نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 4 صفحه : 181
لا يلاصق الجزاء الشرط كذلك الفاء، ألا ترى أن الفاء في قولك: «إنيقم زيد فعمرو يكرمه» قد فصل بينها و بين الشرط زيد، و كذلك إذا قلت:
«إنتقم فعمرو يكرمك» فقد فصل بين الشرط و بين الفاء
الضمير المستكن فيه، فلما نزلت أما منزلة الفعل الذي هو الشرط لم يجز أن تلاصقه
الفاء.
فإن قال قائل: هل يجوز أن تكون عاطفة هذه الفاء زائدة لحذفها في
الشعر.
قيل: لا يخلو أن تكون عاطفة أو زائدة أو جزاء، فلا يجوز أن تكون
عاطفة لدخولها على خبر المبتدأ و خبر المبتدأ لا يعطف على المبتدأ، و لا يجوز أن
تكون زائدة لأن الكلام لا يستغني عنها في حال السعة فلم يبق إلّا أن تكون جزاء.
و إذا عرفت هذا فالفاء بعد (أمّا) لازمة لما ذكرت لك من نيابة (أمّا)
عن الشّرط و حرفه، فإن حذفها الشاعر فللضّرورة كما جاز له حذفها من جواب الشّرط
كقول عبد الرّحمن بن حسّان بن ثابت[1]: [البسيط]
من يفعل الحسنات اللّه يشكرها
و الشّرّ بالشّرّ عند اللّه سيّان
كان الوجه أن يقول: فاللّه. و مثل حذفها من قوله[2]: [الطويل]
و مع هذا التشديد في حذف الفاء من جواب (أمّا) قد جاء حذفها في
التّنزيل:
و لكنّه حذف كلا حذف، و إنّما حسّن ذلك حتّى جعله كطريق مهيع حذفها
مع ما اتّصلت به من القول، و القول قد كثر حذفه في التّنزيل لأنّه جار في حذفه مجرى
المنطوق به، فمن ذلك قوله تعالى:وَ الْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بابٍ.
سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد: 23- 24]، أي: يقولون سلام عليكم. و مثله:وَ إِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ
الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَ إِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا [البقرة: 127]، أي: يقولان: ربّنا تقبّل منّا. و
مثله:وَ لَوْ
تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنا
أَبْصَرْنا وَ سَمِعْنا [السجدة: 12]. و الآية التي ورد فيها