نام کتاب : الأشباه و النظائر في النحو نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 1 صفحه : 85
فالجواب أن يقال: إن الأسماء لما كانت تعتورها المعاني و تكون فاعلة
و مفعولة و مضافة و مضافا إليها، و لم يكن في صورها و أبنيتها أدلة على هذه
المعاني، بل كانت مشتركة، جعلت حركات الإعراب فيها تنبئ عن هذه المعاني فقالوا:
ضرب زيد عمرا، فدلّوا برفع زيد على أن الفعل له و بنصب عمرو على أن
الفعل واقع به و قالوا: (ضرب زيد) فدلّوا بتغيير أول الفعل و رفع زيد على أن الفعل
ما لم يسمّ فاعله، و أن المفعول قد ناب منابه، و قالوا: (هذا غلام زيد)، فدلّوا بخفض
(زيد) على إضافة الغلام إليه، و كذلك سائر المعاني جعلوا هذه الحركات دلائل عليها
ليتّسعوا في كلامهم و يقدموا الفاعل إذا أرادوا ذلك أو المفعول عند الحاجة إلى
تقديمه، و تكون الحركات دالة على المعاني، هذا قول جميع النحويين إلا أبا علي
قطربا فإنه عاب عليهم هذا الاعتلال و قال: لم يعرب الكلام للدلالة على المعاني و
الفرق بين بعضها و بعض، قد نجد في كلامهم أسماء متفقة في الإعراب مختلفة المعاني،
و أسماء مختلفة الإعراب متفقة المعاني.
فمما اتّفق إعرابه و اختلف معناه قولك: إن زيدا أخوك، و لعلّ زيدا
أخوك، و كأن زيدا أخوك، اتّفق إعرابه و اختلف معناه.
و مما اختلف إعرابه و اتفق معناه، قولك: ما زيد قائما و ما زيد
بقائم، ثم اختلف إعرابه و اتفق معناه، و مثله: ما رأيته منذ يومين و منذ يومان، و
لا مال عندك و لا مال عندك، و ما في الدار أحد إلّا زيد، و ما في الدار أحد إلا
زيدا. و مثله: إن القوم كلهم ذاهبون، و إن القوم كلّهم ذاهبون، و مثله:إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ [آل عمران: 154] و (إن الأمر كلّه للّه) قرئ[1]بالوجهين جميعا، و
مثله: ليس زيد بجبان و لا بخيلا و لا بخيل، و مثل هذا كثير جدا مما اتفق إعرابه و
اختلف معناه، و مما اختلف إعرابه و اتفق معناه. قال: فلو كان الإعراب إنما دخل
الكلام للفرق بين المعاني لوجب أن يكون لكلّ معنى إعراب يدلّ عليه لا يزول إلا
بزواله.
قال قطرب: و إنما أعربت العرب كلامها، لأن الاسم في حال الوقف يلزمه
السكون للوقف، فلو جعلوا وصله بالسكون أيضا، لكان يلزمه الإسكان في الوقف و الوصل،
فكانوا يبطئون عند الإدراج، فلما وصلوا و أمكنهم التحريك جعلنا التحريك معاقبا
للإسكان ليعتدل الكلام، ألا تراهم بنوا كلامهم على متحرّك و ساكن و لم يجمعوا بين
ساكنين في حشو الكلمة و لا في حشو بيت و لا بين أربعة أحرف متحركة و يستعجلون و
تذهب الصلة من كلامهم، فجعلوا الحركة عقيب الإسكان.
[1]انظر تيسير الداني
(76) قراءة أبي عمرو برفع اللام و
الباقون بنصبها.
نام کتاب : الأشباه و النظائر في النحو نویسنده : السيوطي، جلال الدين جلد : 1 صفحه : 85